المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ( في وجوه الفقراء .... يسكن الجمال )


النغم المهاجر
06-02-11, 03:40 AM
( في وجوه الفقراء .... يسكن الجمال )



على الحدود المتاخمة لدولة اليمن الشقيقة , وعلى الجنوب الشرقي لمدينة الطوال تقع قرية صغيرة تدعى ( المحرّقة )قرية تبدو للوهلة الأولى ولمن يقدم اليها وكأنها خالية من أي نبض للحياة فهي عبارة عن منازل متباعدة وشجيرات متناثرة وقليل من الرعاة يتظللون بشجرة ( المرخ ).

على بعد عشرة أمتار من الطريق كان هناك دكان صغير يعمل به رجل يبدو وكأنه قادم من حضارة البابليين فذلك الثوب المخطط وتلك العصابة الحمراء تدل على أنه من حقبة زمنية بعيدة .



كنت أنظر بأنه لاشيء يستحق أن تتأمله في هذه القرية الصغيرة ..... ولكن كان لابد لي من أخذ ولو ماءا والتحدث مع صاحب الدكان فما زال لدّي الوقت الكافي قبل الذهاب الى الشخص الذي أتيت من أجله .



تقدمت قليلا وبدأت في مخاطبة صاحب الدكان :

هل لديك مايستحق أن يشترى ؟؟!! قال : نعم ... فكل مافي هذا الدكان للبيع ياولدي قل مالذي تريده وأبقى في سيارتك وسآتيك به .



أريد عصيرا وقاروة ماء باردة .

أخرج علبة صغيرة كان تاريخ الإنتاج قد تجاوز عام بأكمله من تاريخ صلاحيتها فأخذت اتأملها وأنظر اليه متسائلا :

هل يدرك هذا الشخص ما يقدمه من خطر لابناء قريته ؟؟؟

وهل فعلا هذه التواريخ يعيها هؤلاء الفئة من المجتمع ؟؟؟



حاولت أن أبين له خطورة تجاوز صلاحية الإنتاج لكل منتج .... ولكن هل مثل هذا يعي ما أقوله ؟؟!!

أخذني حب الإستطلاع وأظهرت نفسي أمامه كرجل مسؤول نزلت من سيارتي ... تغلغلت داخل الدكان .... بدأت اقلب تلك المعلبات للبحث عن تواريخ قديمة لإنقاذ مايمكن إنقاذه .

في السقف العلوي كانت هناك فتحة صغيرة قد أستغلتها عصافير الدخل ( السامل ) وبنت أعشاشها على الرف الشرقي من الدكان .... العنكبوت قد نسجت مدن متكاملة حتى لقد أصبح واضحا لإول وهلة لمن يدخل ذلك الدكان كم هو في أمن تام ...



أخذت مرة أخرى أبين له مخاطر تلك البضائع المنتهية الصلاحية فهي غير صالحة للاستهلاك الآدمي بعد أن أزحت لثامي قليلا وأصابعي مازالت تحمل أطراف ثوبي الأبيض الأنيق ... ولكن للأسف فلقد كان أميا لايجيد القراءة البته ...



خرجت متجها لسيارتي .... فاذا بطفل قد قدم ودخل الدكان وخلفه فتاة فارعة الطول ... تحمل بيدها قصبة تميل قليلا الى الإصفرار.... لم تكن محجبة ... فما زالت تلك العادات السيئة سارية المفعول بل ومتأصلة تماما ً بتلك القرى .



كنت أظنه هاربا ً منها ... لكنه لم يكن باكياً .... ولم أر على وجهه أى علامة حزن .... شدني ذلك المشي لتلك الفتاة فهي كالسحابة كما وصفها أعشى قيس في معلقته ... فأحببت أن أراها عن قرب !!!



قدمت ولم تعبأ بتلك السيارة الواقفة ولا بالذي يقف بجوارها... دخلت الدكان وبدأت تتناول ماقدمت لشرائه ... وعندما أرادت أن تدفع الثمن كان الطفل

الصغير قد أخذ زاوية بعيدة وبدأ يفرك بكلتا يديه محاجر عينيه ... وأخذ ينظر بخوف اليها .



طلبت منه أن يدفع اليها المبلغ لتقدمه للبائع ثمن ماقامت بشراءه ولكن المبلغ قد فقد منه في أحد الأزقة عندما قدم مهرولا ً ...



بدأت الحيرة على محياها وتأكد لي بأنهما لايملكان سوى ذلك المبلغ عندما عادت مرة أخرى للبحث عنه في جيبي ذلك السروال وتلك الفانلة الخضراء المخططة بالأبيض ... والمطبوع عليها الرقم ( 5 ) والتي أصبحت بدورها تشابه تماما ً خارطة الإدريسي عندما رسم العالم لاول مرة .

أحمّر وجهها من الخجل عندما بدأ صاحب الدكان في إعادة ما قدمت لشراءه . كنت متردداً بين البقاء .... والذهاب الى حال سبيلي وأخيرا ً قررت أن أدفع عنها ذلك المبلغ الزهيد الذي ربما سيكون باب شرٍ اذا لم تعد بتلك الأشياء ودفع ماتبقى من المال اليها .



كانت تمد يدها تارة وتعيدها أخرى ... تريد ان لا تأخذها .....تريد أن تقول شيئا ً ... غلب عليها الحياء ...ناولتها تلك الأشياء .... كنت أسمع الشيخ وهو يردد جزاك الله خيرا ً ياولدي وحفظ الله لك شبابك .... فوالله لوعادت بدونها لربما عوقبت من زوجة أبيها عقابا شديدا .... أخذت اتأمل ذلك الجمال الباهر .... وتلك العيون التي رزقت كحلا ً .... قل أن تجد مثليها ...عدت الى سيارتي وانا أردد في داخلي تلك الحقيقة ( في وجوه الفقراء يسكن الجمال ) أفقت ترنح كريم قد ارتوى وأخذ يلهو بين ذلك العشب المتناثر على جنبات ضفاف نهر جار.... وعيناي ترمقها حتى غابت بين تلك المنازل القديمة .


لاجديد..
هذا انا..

ابن القرية..هوية أديب/النغم المهاجر<!-- ABDU_GO حفظ حقوق الموضوع لموقعك + زيادة البيج رانك الإصدار 2.0 برمجة -->


(http://www.ly2l.com/vb/search.php?do=finduser&u=138624&starteronly=1)

شادي الثريا
07-02-11, 01:19 AM
النغم المهاجر

::

ايقنت منذ ان بزغ نور حرفك في ارجاء هذا المنتدي
ان خلفة قلم ثري ومتمكن يحمل صلفة ادبية محتلفه

امتعتني هنا ايما امتاع
قصة رائعه من يقرأها يدرك ان ما حدث كان حقيقياً
وليسأحداث كانت من ضرب الخيال
اجمل ما في النص هو تلك الوقفات التي تشد
القاريء للأستمرار في القراءة حتى نهاية القصة
ابتداء من وصفك لتلك البقاله وذالك العجوز وخيوط العنكبوت
وختاماً بتلك الأنثي المرمرية التي طلت عليك من عوالم الخيال

جميل هو هذا الحرف الذي يسكنك
دمت برقي حرفك وطرحك ياأبن القريه النقي


أحترامي ياأنيق

إتكاءةُ مطر
14-02-11, 04:15 AM
.

.

وفي وجوه الفقراء تعرفُ اللين والعطف والرحمة
لِـ أعينهم لمعةٌ تُشعرني بِـ مواساتهم

.. النغم المهاجر..
جميل ما قدمته هنــــا
لقلبك التحايا






.


.