المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أضغاث غُربة


اللميـــاء
07-06-11, 09:23 PM
مدخل:


هذه هي المرة الأولى التي أكتب فيها و لا أستطيع أن أُصنَف ما كتبت ‘ هل ما كتبته خاطرة تحمل ما بي و تحملني معها ، هل هي قصة أسرد فيها ما قد مر بي من حنين ، أم مقال أرتل بين سطوره أحد تلك المواقف التي لا تبرح الذاكرة المُكتظة



حقيقة لا أدري ، لكن المُهم أني كتبت.

هذه المرة الكتابة لهم ، لأنهم وطن لا يمسّني في وجودهم داخلي غربة

هذه المرة ، حين حاولت أن أكتب ، كانت الكتابة جداً شاقة على نفسي.

ربما رطوبة الرياض صهرت ما تبقى بالقلم من حبر، أو ربما أشعلت قلبي حنيناً لحضن أمي ، أو ربما هو أنا التي لم أعتد على الكتابة في بلاد غريبة ، عُذراً فالبلاد ليست بغريبة ، بل أنا التي مسّني منها غُربة . ربما آلفت الكتابة و أنا قاطنة فوق سريري البالي الذي كلما مرّ بخيالي حرف أهتز السرير من كثرة وهنه ، أعلمتم كم هو بالي سريري ؟ و رغم هذا لم يقصيني عن الإشتياق إليه الغرفة المؤثثة بأثاث فندقي التي أقيم بها و التي مساحتها ربما تعادل ربع مساحة شقتنا بمصر ،

لكن

نحن نتعلق دوماً بالأشياء الأكثر إحتواءاً لنا ، لا بالأشياء الأكثر إبهارا لأعيننا

ربما آلفت الكتابة و عيناي تناظر السقف المتهالك ، و الحصير الذي رغم قِدمه يلمع من نظافته

هذه المرة لم يكن النيل على مقربة دقائق يترنح من شبقه لإحتضانه بنت المُعِز ، و لم تكن المراكب السابحة به كـهمهمات رجل أوشك أن يقضي وطره فتزيد ثورته بصخبها المبالغ فيه ، لم يكن أهل القاهرة عابئين بالنيل و هو يستبيح أمهم دون أن يثأروا منه ، بل كانوا يستعذبون ما يفعل بها ، و بهم.

هذه المرة لم أبحث طويلاً عن قلمي البيك الذي كانت بدور دوماً ما تأخذه في خلسة مني ، بل أدراجي عامرة بما يقرب من العشرين قلم بيك أو يزيدون ، تركتهم هناك بحزمتهم ، ربما أريدهم أن يعطوني إحساس الجماعة و إحساس الترابط الذي أنفلتت آخر خيوطه مع إحتضان مشير لي بأرض مطار القاهرة.


هذه المرة كان الوقت مُمدد أمامي كأنه يحثني ألا أضيعه في شئ غير كتابتهم ، أو كتابة حنيني لهم أو لمصر

هذه المرة كل شئ حولي يغلفه سكون ، سكن المدينة هادئ لا شئ يؤرق ليله سوى أصوات المكيفات العالية التي لم أعتد عليها في القاهرة ، تلك الأصوات التي جعلتني أتسائل ، ما الذي يجعل ليل القاهرة صاخب هذا الحد ؟ ، أهي السيارات ؟ ، أهي الأشخاص ؟ ، أم أنها تلك القلوب الثائرة مثل قلبي ، و التي لا تمس في الليل لِباسا و لا تدرك للنهار معاشا.

ما الذي حدث لي حين حاولت أن أكتب هذه المرة ، أهي الغُربة تُشعل فتيل الوجد فينا ، و تجعلنا نحمل كل المتناقضات داخل قلب لا يسع من الدنيا سوى ملامحهم التي تركناها خلفنا حين رحلنا ، و توهمنا أن الزمن لن يغيرها مثلما سيغيرنا ؟ ، أهي الغُربة التي تجعلنا أكثر قدرة على الإنصهار في الآخر كي ننسى أنفسنا و ننسى أننا أغراب ؟ أهي الغُربة تلك التي تجعل كل الأشياء التي تمقتها بوطنك هي أكثر الأشياء حُباً إليك ؟

هل هي حقاً الغُربة تلك التي تصقلنا ؟ ، هل هي التي تجعلنا أكثر بياضاً ، أكثر نقاءاً ، أكثر شفافية ، و تجعلنا أيضاً أكثر صلادة ؟

لن أغفر لنفسي هذا الوهم الذي عايشته تسع و عشرون عاماً متتالية بأني أخشى النوم بغرفة مفردي، حتى إذ ما وصلت الرياض تفند هذا الوهم على عتبات منزل يلزمه عشرون فرداً كي يجعلوا به نصف ما في بيتنا بمصر من صخب ، و مضيت ليالٍ طويلة به بمفردي، و جلعتني تلك الليالي أحن لأن أبقى بمفردي بعد أن إستباحت إحدى زميلات السكن صومعة رهبنتي.

أهي الغربة تلك التي تجعلني أحن إلى أبي كثيراً رُغم أني ظننت أنه لن يصبه منه حنين ، أهي الغُربة تلك التي جعلتني أشتاق لكل شوارع القاهرة المُكتظة التي كنت أنفر منها ؟ ، اهي الغُربة تلك التي جعلتني أبتسم كلما تذكرت أحاديث أبو حبيبة رغم أن حديثه و أنا بالقاهرة كان كفيل بأن يُدخلني لنوبة قئ تستمر ساعات ؟ ، أهي الغربة تلك التي جعلتني أشتاق للطعام من يد أمي بالرغم أني غالباً ما رفضته بسبب أنه مُشبع بالدهون ؟ أهي الغربة تلك التي جعلتني أشتاق إلى سندوتش فول رغم أني لم أعتد قربه في مصر بسبب التهاب القولون المُزمن الذي أعاني منه ؟

هل هي الغربة التي جعلتني أمضي رافعةً رأسي و كأني أفتخر بأن أخبر الجميع أني مصرية رغم و أنا في مصر كنت أحياناً كثيرة ألعن اليوم الذي أصبحت فيه مصرية ؟
أهي الغربة التي علمتني كيف أدق على هواتف إخوتي و أمي بـ " مِسد كول " رغم أن طيلة ما قضيته بمصر من سنوات كنت أكره و أكره و أكره تلك العادة المقيته.


بالقطع ، هي الغربة
هي الغُربة التي تجعلني أجلس الآن و أكتب ، و ملء عمري حنين لهم
هي الغربة لا غيرها



* * * *

ملحوظة

ما كان العُنوان أبداً من بنات أفكاري

لكنه آتاني هبةٌ منه ، فشكراً بحجم ما بقلبي من ودٍ له



* * * * *





الرياض
مدينة الملك عبد العزيز الطبية

7 يونيو 2011

8,17 دقيقة مساءا

ماااريا
07-06-11, 10:35 PM
للحقيقة لامست كلماتك بكل نبضة حزن وشوق بقلبك

وحنينك للاهل والوطن ,, مشاعري..

ما أصعبها أيام الغربة حين نفارق من نحب

ومن تعودنا على بقائنا بقربهم دون أن نشعر بلذة وجودهم

نعم هي الغربة التى حرمتنا منهم هي من يجعلنا بقسوتها نحن لهم

ولكل ذرة فيهم ..,, والحلم بلقائهم من جديد وافكار ـتأتي لتهدم

نعيم اللحظة .. مشاعر مختلطة أعلمها ,, مرت بحياتي

وما زالت ذكراها تلوح بنفسي و كم أنا مشتاقة لها الان رغم اني كنت أمقتها بلحظتها

عزيزتي اللمياء أتمنى أن يربط الله على قلبك بالصبر على فراق أحبابك

ويهون عليكي أيام الغربة ,, وإن شا الله تحققي كل أمنياتك

ويكتب لكي العودة الميمونة لبلدك مصـــر بعد تحقيق كل طموحاتك ,

لقلبك الياسمين

تمنياتي لكي بالسعادة وراحة البال..

اللميـــاء
08-06-11, 01:50 AM
غاليتي

جاء المقال على غير ترتيب
أمسكت قلمي و دفتري و هممت بالكتابة بشئ آخر تماماً

فإذا بي أزلف لغيبوبة حنين للوطن و للأهل
خاصة حين عرفت أن الجميع مجتمعين الليلة للإحتفال بنجاح أختي

شعور قاسي
أن لا نقوى حتى على إستراق السمع لإبتسامهم
أو تراهم يبتسمون بغيابي ؟


ماريا

مس القلب حضورك


لميــــاء!
<!-- / message -->

الــمُــنـــى
08-06-11, 04:30 PM
/
\

التواريخ .. الأماكن .. الأشخاص ..
من نعاتب هذا اليوم .. ولم نعاتب ؟؟
هل نعاتبها لأنها أصبحت مكتنزة بداخلنا وباتت تقض مضاجعنا ..؟؟!!
أم نعاتبها لأنها باتت تشكل خطراًعلى القلب والروح والجسد بكل معنى الكلمة ..؟؟!!
أم نعاتب السنين التي أهدتنا الغربة بما فيها من حزن ووحشة ..؟؟!!
أم نعاتب ذواتنا لأنها لم تكن ترى الجميل من اللحظات بسبب ضغوطات الحياة ..؟؟!!
أم نعاتب ذاكرتنا النشطة جدا ..؟؟!!
يا تُرى من ظلم من ..؟؟!!
اللمياء ..
هكذا نحن دوما لا نُدرك قيمة الأشياء وجمالها
إلا لو فقدناها أو غادرتنا رغما عناً ..
لربما هو أيتلاء وأختبار لنكثر من شكر الله وحمده ..
ولربما هو تحصيل للأجر ..
وفي كل الأحوال حتما هي نعمة وخيرة
فكل شيء بقدر ..
وكل شيء قد خُط في اللوح المحفوظ ..
ولا مفر من أقدارنا ..
عليكِ أرتداء معطف الصبر ..
والتجلد واليقين بأن ما أختاره لنا حتما هو
الأفضل والأجود والأنفس وإن بدى ظاهره التعب ..
اللمياء ..
صابري ورابطي فالقادم بإذن الله أجمل
محبتي ومودتي
منى

اللميـــاء
12-06-11, 10:33 AM
/
\

التواريخ .. الأماكن .. الأشخاص ..
من نعاتب هذا اليوم .. ولم نعاتب ؟؟
هل نعاتبها لأنها أصبحت مكتنزة بداخلنا وباتت تقض مضاجعنا ..؟؟!!
أم نعاتبها لأنها باتت تشكل خطراًعلى القلب والروح والجسد بكل معنى الكلمة ..؟؟!!
أم نعاتب السنين التي أهدتنا الغربة بما فيها من حزن ووحشة ..؟؟!!
أم نعاتب ذواتنا لأنها لم تكن ترى الجميل من اللحظات بسبب ضغوطات الحياة ..؟؟!!
أم نعاتب ذاكرتنا النشطة جدا ..؟؟!!
يا تُرى من ظلم من ..؟؟!!
اللمياء ..
هكذا نحن دوما لا نُدرك قيمة الأشياء وجمالها
إلا لو فقدناها أو غادرتنا رغما عناً ..
لربما هو أيتلاء وأختبار لنكثر من شكر الله وحمده ..
ولربما هو تحصيل للأجر ..
وفي كل الأحوال حتما هي نعمة وخيرة
فكل شيء بقدر ..
وكل شيء قد خُط في اللوح المحفوظ ..
ولا مفر من أقدارنا ..
عليكِ أرتداء معطف الصبر ..
والتجلد واليقين بأن ما أختاره لنا حتما هو
الأفضل والأجود والأنفس وإن بدى ظاهره التعب ..
اللمياء ..
صابري ورابطي فالقادم بإذن الله أجمل
محبتي ومودتي
منى





المنى

وقفت عند ردك كثيراً، و في كل مرة هممت فيها بالرد أصابني عجز
ربما لأنك توغلت في الإحساس أكثر مما توقعت
و ربما لأنك تعرفيني جيداً و تعلمين مسبقاً ما أنوي قوله

لا حرمتك أبدا


لميـــاء

المتهم
17-06-11, 03:32 AM
راق لي ما قرأت

واحسست بأنفاس الغربة تجتاحني

لقد نجحتي في نقل الأحساس الى دواخلنا

::

::

::

همسة

ستذكرين هذه الأيام فيما بعد وتبتسمين

حاولي أن تستمتعي بها قدر الأمكان

اللميـــاء
18-06-11, 10:14 AM
راق لي ما قرأت

واحسست بأنفاس الغربة تجتاحني

لقد نجحتي في نقل الأحساس الى دواخلنا

::

::

::

همسة

ستذكرين هذه الأيام فيما بعد وتبتسمين

حاولي أن تستمتعي بها قدر الأمكان


ربما لأنه إحساس صادق
لم يكلفني عناء البحث عن حروف تُظهره
زلف لقلوب من قرأه

فالحمد لله الذي رزقنا الصدق فيما نكتب

همسة

على يقين أن القادم بإذن الله سيكون كـموج البحر
بمجرد معانقته الشاطئ، سيمحو آثار ما علُق بنا من جرح على رمال الأيام


المتهم

شعور عذب أن ترى أول مشاركات أحدهم تصب في قالب حرفك
فشكراً لمنحج حرفي هذا الشرف


لميـاء