قطرات أدبية

قطرات أدبية (https://qtrat.com/vb/index.php)
-   قــطــرات الـقـصـة والروايــة (https://qtrat.com/vb/forumdisplay.php?f=19)
-   -   قصة شعر (https://qtrat.com/vb/showthread.php?t=4119)

روح الياسمين 08-04-17 12:14 AM

قصة شعر
 
[justify]



ذات يوم قرر ابن سلطان البلدة الاختلاء بنفسه, بعيدا عن ضوضاء حاشية القصر وسهراتهم الصاخبة وبروتوكولات فاحشي الثراء لجأ الى الغابة القريبة يستطلع مسارحها ويستلذ بنسائمها العذبة ;فغالبه النوم برهة تحت شجرة باسقة : افترش الأرض وتوسد ذراعه نام بكل أريحية كأنه على سريره الملوكي ولحافة الحريري ووسادته الناعمة .
ارتقى أعلى أدراج الأحلام فتخيل نفسه يحلق بين السحب البيضاء تلامس يديه فقاعات الفراغ ويتتبع صدى أماني الناس, يختال بروابي النجوم ويلا حق فراشات النور.
أسكنه المكان هدوءا لا محدود وزرع بنفسه غصون الخلود ,فأبى أن يعود الى الثرى ممنيا نفسه بآلاف الوعود .
أخذته حلاوة مخيلته الى سراديبه : يفتح صفحة الطفولة ليرتشف منها أزكى لحظات البراءة فيغلقها مسرعا الى صفحة المراهقة ليتأمل أول قصيدة كتبها, فتراءت له صفحة شاردة أبى إلا أن يلحقها ليبعثر ملامحها لكن شيئا ما شل حركته …
كان صوتا هامسا يثير انتباهه ويستبد بفكره حاول استقراء منبعه فعجز ; استسلم بكل تلقائية لشذى تلك الألحان الرنانة ,ضحكات متلألئة ومتقاربة تزيد من خفقان قلبه تشده اليها شدا تابعه بشوق كأنه هائم ببحر أثيرها :
في غير الزمان
في نفس المكان
مرتني الذكرى وأنا واقف
في نفس المكان في غير الزمان
في ذا ضحكت أيام لكني بكيت
في ذا حلمت أحلام لكني صحيت
منها أبتديت
وفيها أنتهيت
إلا من الذكرى
في نفس المكان في غير الزمان
قالت لي الذكرى كلام عني
كلام والله بغيت أنساه ..
وصاحت ربابة شوق وأثر النغم مني
يشكي وأنا شكواه
وغنى صوت في ليلة فرح
وهلت عين وقلب أنجرح
في صوتها جرح وتعب
وفي عينها نظرة عتب
وشفت إبتسامه عليها هلت الدمعه
ونظرة ملامه من الماضي على ربعه
وأنا مع الذكرى
في نفس المكان في غير الزمان
تعطيني الذكرى ولا تاخذ أبد
تحكي لي الذكرى ولا تسمع ل..أحد
وأنا عندي كلام ممنوع حتى عن الخاطر
لا ياخذه أمسي ولا يقبله باكر
ما أقدر أوضح غايم الصوره
ولا أزود للمسا نوره
الله يا ذكرى ياما فهمتيني خطا ..؟
ياما قدم رجلي على جمرك وطا
واليوم هيضني هواي
أشكي ولا أدري وش بلاي
هو من شقاي اللي مضى وإلا هناي
وأنا مع الذكرى
في نفس المكان في غير الزمان ..!!

أنشدت بصوتها المخملي مثل حورية انبثقت من أعماق البحر بل ساحرة ألقت بطلاسيمها المبهمة فسحرته ,كلا فهي حور جنات النعيم تسكن أقاصي القصور وتأسر القلوب !!!!!!
تابع همساتها في محاولة لإيجادها مشى ومشى دون هدى وما هي إلا لحظات حتى بزغ في الأفق بصيص نور لحقه بلهفة فإذا به يصحو من سباته ; التفت حوله مستنجدا ببصره لرؤيتها دون جدوى هرول الى الغدير فلاح له خيلاء صبيتان تصحبان قطيع الغنم ابتسم بذبول فلقد تأكد أن ما سحره ليس صوت حور العين انما انسية !!!!!
أسدل الليل ستاره على البلدة فغادر الأمير المكان عائدا الى قصره حاملا معه أجمل حلم, ألقى بجسمه المتعب على سريره وخلده يجوب عوالم من ورود , لسانه يتذوق عطر حروف قصيدها ….
مرت أيام وأيام وابن السلطان يعاني وباء هذا الزمان فمع اطلالة البكور يمتطي جناج الأمل والغبطة تعلوا أوصاله و اللهفة تداعب قلبه الأسير والفكر شريد بصاحبة الصوت البهيج ,يصول ويجول بأرجاء تلك البطاح بحثا عما أضاعه مذ ذاك اللقاء ,يرجوا سبيلا للوصول اليها وتستمر توجساته الى انسكاب التبر بأعالي السماء ليعود الى برجه العاجي سامرا يناجي القمر عليه يرشده لنجمته المفقودة .
أثار تصرف ابن السلطان حفيظة والديه وكل حاشية القصر وتناقلت الأخبار بين تلك الأفواه حتى بلغت ذروتها فشاع خبر جنون الأمير بين الناس :فالتزامه الصمت والتجائه الى البراري وسرحانه الدائم وترديده لبعض الأبيات بث الشكوك في النفوس الضعيفة وتاجرت زمرة من مقتنصي الفرص هذه الأخيرة ليذيعوا فقدان سلطان البلدة المستقبلي لعقله لينشروا سمومهم ويزرعوا بذور الوجل بين الأهالي من غذ مجهول المعالم !!!!!
كعادته كل يوم ورد الغدير لعله يسقي روحه رحيق ذكراها بعدما أبت أن تستجيب لتوسلاته, ناظر المياه المنسابة بين الصخور لتنساب أحلامه من جديد تاركة وكرها, دغدغ صوت ضحكاتها
سمعه وقبله :

مرتني الذكرى وأنا واقف
في نفس المكان في غير الزمان
في ذا ضحكت أيام لكني بكيت
في ذا حلمت أحلام لكني صحيت

بابتسامة باهتة غادر المكان عائدا الى القصر منهوك القوى يجر أذيال الخيبة ككل يوم ;التقى بمستشار أبيه الذي استطاع أن ينفذ الى مكنوناته فعلم ما يعانيه الأمير طأطأ رأسه برهة, عيناه تطرق باب التفكير وبحكمته الفيحاء وفطنته البليغة استطاع ايجاد حل لفض متاهات الأمير .
أعلن السلطان عن اقامة حفلة سامرة بقصره تتخللها مسابقة شعرية تقتصر على الفتيات فقط وخصص للفائزات جوائز عديدة. انتشر الخبر كلمح البصر بين فتيات البلدة وتحمسن للمسابقة والأهم من ذلك_ فرصة لرؤية النبيل _
حل موعد الحفلة وأقبل الناس من كل البقاع مشتركين ومتفرجين صغارا وكبارا ,كانت الفرحة تغمر الجميع غير واحد !!!
استتب به اليأس وتملكته الظنون حاول عبثا رسم نفحة السرور على ملامحه فلم يفلح !!!لبس قناع الجمود وغادر غرفته ايذانا منه لبداية الحفلة .
وصل الى القاعة الملأى بالحاضرين وزع كلمات الترحيب
على القاصي والداني تعبيرا منه عن امتنانه لهم ,شق ثغره لتطفو بسمة ساحرة تذيب قلوب العذارى يفوح منه شذى النبل والزهو ليذهب الألباب .
بدأت الأمسية الشعرية وتوالت المترشحات بإلقاء قصائدهن ومع مرور الوقت يزداد الأمير اختناقا وأسا ,كأن أنفاس الأمل بلغت وريده يتربص بها الموت لتفارقه للأبد, رغب باستنشاق نسيم لطيف فتسابقت قدماه الى باحة القصر لتعانق روحه المتعبة فضاء يغمره السكون ويرسو على جنباته دقائق من نور تلمع كبريق ذكراها ….
صدح صوت رخيم بأعذب أبجدية استبدت بما بين ضلوعه
كأنه عصفور يرتجف لا يدري هل هو على بساط الريح يلامس مصابيح السماء أم يقف داخل بستانين القصر ?
قاده صوتها ليلج قاعة الحفل من جديد ومشاعره كأنها بوصلة تشيرعقاربها الى مبتغاه ,جاوز المدعويين بخفة ليقف أمامها ومابين الحقيقة والسراب كانا معا ساد الصمت لم يعد هناك صوت إلا ضجيج قلبيهما : مزيج من فرح بلقياها وخوف من المجهول ….
ترك العنان لعينيه لتبوح عما يجول بخاطره من عتاب على طول غيابها وشوق جامح لها وسرور للقائها وانتصار أمل والتقاء روحين وارتواء صحارى عطشى من نبع وصالها ,
تراجعت راعية الغنم خطوات خشية من نظرات ابن السلطان المريبة واندثار للحروف في جوفها …….
أمسك معصمها برقة وقال :في مكان ما وفي زمان ما
كان مقدرا لقيانا
التقينا ولم نلتقي لكن أرواحنا تعاهدت على الوفاء
مذ يومها أصبحت جسد بلا روح
رحت بعدما سرقت روحي وجعلتني مجنونك
تفاجأت الراعية مما سمعته فقاطعته :أنا لم أرك من قبل سيدي الأمير لما تتهمني بالسرقة ?
تأكدت حينها من صدق ما يروج من اشاعات وازداد هلعها فهي بمواجهة مجنون ولا يمكنها التنبؤ بتصرفات ,شعر بارتجاف أطرافها وقرأ أفكارها الغريبة , سحبها معه الى حيث يجلس السلطان فخاطبه :
أعرفك أبي على دائي ودوائي
فهي من أذهبت بعقلي وسحرت قلبي
ألقت علي طلاسم زاهية لا تتقنها إلا شاعرة
سكرت نبيذ همسها
و لم يعد لحياتي معنى دون روحها
تهللت أسارير السلطان حينما رأى ابنه سعيدا ومبتهجا بعدما عانى من عزلته وسرحانه بالفترة الاخيرة ليدرك أن ابنه لم يكن إلا عاشقا مجنونا .




[/justify]

متاهة الأحزان 08-04-17 06:19 PM

هو الحب يذهب بالعقل يخطف أفراحنا لترحل معه ولا تعود الا بعودته

هو الحب

تجاوز المسميات الألقاب والمناصب

ليصهر قلوبنا كما أرواحنا فنكون بهم أو لا نكون

\

تنحني لك ابجديتي شكرا وتقدير

لقلبك الياسمين

روح الياسمين 14-04-17 10:18 PM

اطلالتك اضاءت صفحتي
ومداخلتك زانت حروفي
سلمت ايتها الرقيقة على جميل ردك
لك مني باقة ياسمين


الساعة الآن 02:58 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لموقع قطرات أدبية 2009