قطرات أدبية

قطرات أدبية (https://qtrat.com/vb/index.php)
-   قـطــرات من رذاذ الحبر الخـــاص " الـركن الهـادئ " (https://qtrat.com/vb/forumdisplay.php?f=9)
-   -   نداءات مَسْحورة (https://qtrat.com/vb/showthread.php?t=4477)

النّداهة 08-02-21 04:58 PM

حلُمتً الليلة الفائتة أنّي جائعة، فذهبتُ إلى المطبخ لأقلي البطاطا، فوجدت حبّة بطاطا واحدة، قلتُ لا بأس، تكفيني واحدة، حملتها وإذ بها عَفِنة، فرميتها و نِمت - في منامي - وأنا جائعة.

صحوت بفكرة واحدة في رأسي، أنّ النّحس يلازمني حتى في أحلامي.

حسنا، لا بُدّ أنّ تفسير البطاطا العفنة سيء، لكنّي رميتها، وهذا يعني أنّي تخلّصتُ من السيء.

ورد هذا في كتاب النّداهة لتفسير الأحلام الجائعة.

النّداهة 08-02-21 04:59 PM

في نهارٍ واحدٍ في السّنة، يحدث أن أصحو من نومي سعيدة، بلا نيّة مسبقة ولا ترتيبات. أكون إيجابية جدا، أحادث جميع من لديّ أرقامهم، أُرسل الرّسائل لجميع من أشعر - فجأة - بافتقادهم. أسأل عن أخبار كُثر، ويكون مشيي في الشارع أشبه بالتقافز ، وأُدندن « يا صحابي يا أهلي يا جيراني ،، أنا نفسي آخدكوا بأحضاني »
في نهارٍ واحدٍ في السنة يحدث كلّ هذا. ومنذ أربعة أعوامٍ لم يأتِ عليّ ذاك النّهار.

النّداهة 08-02-21 08:16 PM

صدّقني، أنا أتسائل أكثر منك ألف مرّة ، عن الوقت الذي سأستسلم فيه وأمرّ بجانب الاعوِجاج ولا أراه، صدّقني أنا أتطلّع لذلك، فلقد مللتُ وحدتي.
أريد أن أخالط النّاس ولا أنتبه لأكاذيبهم، أو وجوههم العديدة. أريد لرأسي أن يخوض معاركي أنا، معاركي أنا وفقط.

النّداهة 08-02-21 10:20 PM

حسنا، يبدو أنّه يومٌ مثاليّ للاعتراف والانهيار.
كان يبدو عليه ذلك منذ ليلة أمس.
أتدري، دعني أكن واضحة ومباشرة على غير عادتي
أشتاق إليك، أشتاق وجودك في حياتي، أشتاق مناكفاتنا، خلافاتي معك، تصالحنا، أشتاق فهمك لي، وأشتاق الألاعيب التي دارت بيننا. لكنّي أبدا لا أشتاق صمتنا، وبُعدنا، يا إلهي كم أكره بُعدنا.
ليس بيدي حيلة، أحب جدا لو أني أجلس لأستذكر سلسة خياناتك و خيباتي بك لأكرهك، لكنّي أجدني أشتاق إليك كما كنت أفعل دائما. ليس الأمر بيدي، إنّه قلبي الغفور لك. حتى عقلي المحايد، يبدو أنّه يختار أن يصرف نظره بعيدا في هذا الشأن.
لستُ أقدر أن أكون مجافيةً لك كما هو حالي مع كلّ من آذاني، الطريق إليك مغناطيسيّ، وأنا قطعة برادةٍ من حديد، لا حيلة لها ضدّ الجذب، جذبك أنت.
مثل يرقات الضوء، تحوم حول ما يكويها ويحرقها.
أنا أجلسُ متربّعة فوق ركامي، ركامك أنت، ركامِ كلانا، يبدو للجميع حجم انهزامي وخساراتي، لكنّ أحدا لا يبالي.
وما شأنهم لألومهم؟ ما شأنهم بمجنونة تهوى سلخ جلدها بأظفارها.
أنا لا حيلة لي غير أن أشكوك إليك. تغيب هكذا وتظنّ أنّ أيّامي بخير، دعني أقولها لك : لا، لست بخير، أيّامي بغيضة، وساعاتي ثقيلة، ولا شيء أفعله حين تختارُ صمتك، سوى انتظار أن تبوح.
إذن؛ أخبرني ما الحل ؟

النّداهة 09-02-21 10:05 PM

أستطيع البُعد وأقدر عليه، لكنّي لا أريده! وأنت تستطيع البُعد وترغبُ به، لكنّك لا تجيده.
مثيران للشّفقة نحن، مثيران للحيرة.

النّداهة 09-02-21 10:08 PM

يأكلُني ندَمان؛ الأوّل أنّي اقتربتُ بالبدء، والثاني أنّي طلبتُ إليك الغياب.
ويجلدُني خوفان، خوفُ الفراغ الذي لا يملؤه أحد بعدك، وخوف الحنين من جديد.
ويصلبُني ألَمان، ألمُ التأرجح الأبديّ بيننا، وألم اليقين دون وجودك!

ويذبحني في هذا الوجود قضيّة لا ثاني لها؛ أنت وكلّ المتعلقات التي تأتي معك.
ومصيري ثابت لا مفرّ منه، أن أُعذّب فيك، وبك، ولأجلك.

النّداهة 09-02-21 10:11 PM

كنتُ أتمنى لو أنّي استيقظت صباحا،وتذكّرتُ ما بُحت به، لأجد نفسي واحدة أخرى، فأرسل لك تنديدا و إنكارا لكلّ ما سبق وقيل.
لكنّي لم أفعل،استيقظت بالحال التي نمت بها، إن لم تكن أكثر تطرفا حتى.
هل يجب أن أكون صريحة فأجلد كلينا، أم أصمت وأدّعي أن لا شيء جديد فأُريحنا ؟
كلّ سؤال يجرجرني إلى دوّامة من الافتراضات والسيناريوهات. لماذا فقط لا تموت، أو تتلاشى هكذا مثل فقاعة هوائية.
لم كلّ ما انهرتُ أجدك هنا. لم لا تحدث هزة أرضية وتبتلع أحدنا، أو أن يُصاب واحدٌ منا بفقدان ذاكرة؟
لم لا حلول تلوح أمامي، ولم كلّ السيناريوهات تقودني للجنون؟

النّداهة 10-02-21 10:05 PM

أنا امرأة حقودة، قلبي أسود، حين يُخطئ أحدهم في حقّي، أنا لا أغضب، ولا أُقاطع، ولا أفاوض لاستيضاح الأمر، لا أغفر ولا أنسى، أظلّ أقلّبه في رأسي حتى يظلّ طازجا وحيّا، لا تظنّوا أنّي إن تركت ما حصل للأيام، أملّ من عتبي، وأرضى. لا، فأنا أنتظر خطأ آخر لأستحضر غضبي القديم، غضبي القاتم الذي طُهي على نار هادئة، ثمّ أهبّ كزوبعةٍ هوجاء، لا يدري الذي أمامي أيّ مصابٍ قد مسّه.

أنا امرأة حقودة وغاضبة، ولا شيء مثيرٌ في الغضب سوى المفرقعات التي تضيء سماء المغضوب عليه أمامي.

النّداهة 11-02-21 05:22 PM

يكون الإنسان وحيدا، حين يواجه واقعا غير مريحٍ له، وحدته انسحابٌ آمن، أو مهادنةٌ مسالمة، أو ردّ فعلٍ نفسيّ تجاه خيبةٍ ما، أو ربّما أدرَك أنّ في اعتزال النّاس راحةٌ آمنة، أو ربّما ببساطة، هو هادئٌ بطبعه قليل الحديث والتّفاعل مع الغير!
يكون الإنسان وحيدا، وكلّنا نظنّه اختار وحدته، نتركه وشأنه، نمرّ بجانبه ولا نلقي التّحية، نظراتنا تنكسر بعيدا عنه إن صادفناه وجها لوجه، أحاديثنا تقل وأصواتنا تنخفض إن كان بالقرب.
لكن، هل تساءلنا يوما إن كان الوحيد وحيدا، إنّما باختيارنا؟
ربّما كان ليردّ التحية علينا لو أنّنا ألقيناها عليه، ربّما كان ينظر إلينا حين هربت نظراتنا بعيدا عنه، ربّما كان يريد مشاركتنا الحديث حين اختزلناه نحن؟
نعم، يكون الوحيد وحيدا، رغما عنه، باختيار غيره، بإهمالنا، بافتراضاتنا المسبقة المغلوطة.
وأنا وحيدة، وحيدةٌ بثلاثة أرباع اختياري، وربع اختيار غيري. وحيدةٌ إلّا من أوراقي وهزائمي الثّقيلة، أجالسها وتجالسني، كغيمةٍ رمادية عملاقة، تُمطرني كآبة ولا أمَلٌ يستر أحلامي من طوفانها الجارف، أنا وحيدة، وحيدة ويائسة للدرجة التي لا رغبةَ لي أن أكون فيها على غير هذا الحال.

النّداهة 12-02-21 11:31 AM

حين استيقظت قبل منبّهي بنصف ساعة، صار عندي فُسحةٌ من الوقت للتجوّل في الفضاء الرّقمي. صادفتني خاطرة بلغة أجنبية، ترجَمَتُها تعني " بعض الأشخاص ليس مقدرا لهم أن يرافقوا كلّ مراحل حياتنا، بعضهم يتقاطعون معنا مؤقّتا ثمّ يرحلون ليمشوا في طُرُقهم الخاصة."

لم أستغرق أكثر من خمس ثوانٍ لأضحك بهستيرية، تخيّلتُ سيرة حياتي، لا، لحظة، لم أتخيّلها لأنّ التخيّل يعني الأمر الذي لم يحدث بعد، الكلمات الأجدر بي أن أستخدمها هي أنّني تذكّرت و استعرضتُ سيناريو حياتي، كنتُ أنا المشّاءة دوما، ولا زلت أنا التي لا تنفكّ تتقاطع بطُرق النّاس ثمّ تفارقهم.
طريقي الخاص مشوّه ومبتور، و انعطافاته حادّة وفي مواطن معيّنة، وبعد أن أظنّ أنّي تجاوزتُ أسوأ ما في طريقي، تُعيدني الطّريق المسعورة لأتعارك مع كوابيسي الشّرسة كأنّ انتصارا لي لم يكن!
لم أستوطن أيّ مكان، لم أترك لي أثرا في أيّ مكان، وجميع الطّرق رفضت اقتيادي طواعية!
كنتُ أًجَرُّ أحيانا، وأَجرّ أحيانا أخرى. لكن لأستذكر أيّ الأحيان كانت أكثر فيما لو خالط ذهني نسيانٌ قصديّ، يكفي أن ألقي نظرةً على جسدي المُجرجَر المهشّم، لأبتلع غصّتي.

يا لها من أفكار رائعة عن حياتي لأبدأ بها نهاري !
حقّا رائعة!


الساعة الآن 07:36 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لموقع قطرات أدبية 2009