أنا الذي لم أفكر في يوم أن أمتلك جهاز فيديو لأن مجرد التفكير بالأمر هو أشبه بأحلام راعي الإبل الذي يغرز عصاه " ويمهد " له بتراب الأرض " سرير " و يبدأ يعد النجوم وحين ينتهي من النجمة رقم 5 إذ بـ النجمة رقم 6 تتحول شهابا ً وكأنها تقول : هـه!
في أحد الأيام عندما كنت أسكن في أحد القرى النائية جدا ً والتي تبعد عن أقرب مدينة ينعم سكانها بالهاتف و بـ " هواء التكيف " نهارا ً و الضوء ليلا ً 100 كم . أخبرني أحد الأصدقاء الملاصقين لـ قلبي والذي يسكن البيت القريب جدا ً من بيتي لدرجة أنه حفظ اللعنات و الأغاني التي ترددها أمي في المطبخ , أنتظره الليلة والناس نيام في غرفته المستقلة بأطراف الفناء الكبير أمام منزله الصغير , وكالعادة تسللت إلى غرفته وهززت الباب بطريقة لا توقظ أحدا ً لـ أدخل الغرفة , أشعلت نورا ً خافتا ً من أجل أبيه الذي يوقظه العطش في 1 ليلا ً ليشرب من الخزان المقابل لشباك الغرفة حتى يتوهم أن لا أحد مستيقظ داخلها , ولايعلم أبدا ً أن هذه الغرفة لا تنام ليلة الخميس إلا على صوته أثناء مشيه إلى المسجد , تأخر صديقي لـ الدرجة التي كنت أنتظره ليعود سالما ً فقط قبل أن يلحظ أبيه أنه خارج القرية , بعد تأخير 3 ساعات سمعت صوت إغلاق باب سيارته , الساعة الآن 1صباحا ً كل الناس نيام إلا المريض ونحن !
هزّ باب الغرفة ودخل إلي وقبل أن أقول له " ياحمار وينك تأخرت قسم بالله خفت أبوك يقوم مايشوف السيارة يسوي لنا سالفه " رمى بـ حضني هذا الشريط !
ولم أحرك عيني إلا لصوت أبيه وهو يردد :
الصلاة ,
الصلاة ,
الصلاة .
أنا البدوي الذي لم يملك جهاز فيديو إلا مخبأ تحت فراشه وحين ينام الجميع يحمله بيده والشريط بالأخرى وعلى أطراف أصابعه كـ (دبيب النملة التي تحمل على ظهرها قطعة سكر ) يتجـه إلى الغرفة الآمنة التي يستطيع أن يرفع صوت التلفاز بها إلى الحد الذي يريد ,حتى يسمعه حين يلفظ أنفاسه على ( حـــريـــة ) .