ولاشعوريا .. سقطت من عيونها الدموع بعد تفكير عميق
بحالة طلال وبسذاجـة وجنون تصرفها .. وتتنمى لو أن الندم يعيد مافات من تصرفات وقرارات
أتخذتها بوقت تجردت فيه من العقل والقلب ..!
- هل من المعقول أن يكون طلال مصاب بفايروس نقص المناعـة .. وأنا السبب ؟؟!!
-أيعقل أن تقودنــي غيرتــي عليـــه إلى قتلـه بهذا الداء ..؟ !!
-أنــــا لا أستطيع أن أعيش من دون وجوده بجانبي ..فكيف لي أن أقتله وأعيش وحيدة ؟!
- ولكن أيضا ً لا أستطيع أن آراه مع إمرأة غيري .. وجوده بقبره
أهون عندي من وجوده مع إمرأة غيري <<< (بهذي معها حق نوف)
أفكــــار وتســــاؤلات طويلة عريضــــة تطرق باب تفكيرها
ومابين دموع وتساؤلات وخوف وقلق .. وتصحى على صوت طلال يناديها ..
وتذهب إليه مسرعـة وتفتح الباب وتدخل عليه ..
وإذا هو بدورة المياه يتقيــــــأ ..
- مابك ياطلال ..؟
- لا أعلم يانوف .. ولكن أحضري ملابسي وبطاقـــتي الصحية
لأذهب إلى المستشفى وآرى مابي ..
- أرجوك ياطلال لاتذهب إلى المستشفى .. أنت بصحة وعافية
ولاشيء يستدعي ذهابك إليهم ..
-مجنونة أنتي ..!! من المؤكد أنك تغاري علي من الممرضــة ..
- لا .. ليس مسألة غيرة ياطلال ..لكنني خائفـة عليك
- لاتخافي ولا تقلقي .. دقائق بسيطـة وسأكون عندك بإذن الله ..
حاولت نوف أن تمنعه من الذهاب للمستشفى ولكن طلال مصر على رأيه
لأنه يشعر بتعب شديد ويريد أن يتعالج ويرتاح ..
كانت خائفـــة من إجراء تحاليل وفحوصات لزوجها
وشكها يصبح يقين وخطتها التي نفذتها مع صباح تصبح حقيقة و واقع تعيشه
خرج طلال منها بالساعة الـ 11 مساءا ً
والآن الساعة تشير إلى الـ 1 بعد منتصف الليل ..
الساعـة الــ 2 إتصل بها زوجها
نوف .. لا تنتظريني .. فأنـــا سأرقد هذه الليلة بالمستشفى ..
الدكتور طلب مني إجراء بعض التحاليل الشاملة للجسم
ليتم تشخيص حالتي المرضيــــة ..
جن جنونها وهي تسمع حديث زوجهـــــا
- طلال .. أرجوك .. عود إلى بيتك ..ولاتسمع كلام الأطباء المعقدين
لاشيء يستدعي الأمر هذا .. أرجوك طلال تعال لي
فأنا لا أستطيع العيش بدونك .. أرجووووك
- نوف أنـــا أريد أن أفهم لماذا أنتي قلقة ومنفعلة لهذا الحد..!!
صدقني إجراءات روتينية ولاشيء يستدعي كل هذا الخوف والأنفعال
ويوم غد سأكون بجانبك .. لاتحملي هم يالغالية
صدقيني سأعووووووود إليك ..فأنـا أيضا لا أستطيع أن أبتعد عنك ..
نامي ولاتقلقي ولاتفكري بشيء ..
وأغلق خط المكالمــــة ..
وبدأت الدموع تنهار من عيون الزوجـــة الغيورة ..
إحساس لايطاق والندم بمثابـــة خنجر يطعن القلب كلما تذكرت جنون غيرتها القاتلة
وصارت تلك الليلة أطول من الشهر .. والبيت أصبح موحشا يملأ أركانه الحزن والندم
ولكن .. لاشيء ينفع الآن وأنتهى الأمر.. وقع الفأس بالرأس
وماعليهــــا إلا أن تتقبل فكرتها ونتائج تهورها وغيرتها الساذجـــة ..
دخلت غرفـــة نومها ..
رأت غطاء و وسادة طلال وملابسه الذي كان يرتديها قبل خروجه ورائحة العطر العالقة بها
وكوب عصير الليمون .. وساعته واشياء كثيرة غادر عنها وتركها
لنوف .. لتزيد من ألم الندم الذي يسكن قلبها كلما نظرت إليهـــــا ..
هنــــا وبهذه اللحظـــة .. نسيت نوف كل شيء .. نسيت خيانته
ونسيت نار الغيرة التي أشعلتها بنفسها والعذاب الذي كانت
تعيشه بسبب طيشه ولامبالاته .. ولاتشعر إلا بحبها الشديد لزوجها
نسيت كل شيء بمعنى كل شيء ولا تتذكر إلا طــــلال ..ذاك الأنسان الملائكي ..
شعرت بأن ظلمها له أكبر بكثير من ظلمه له
وأنه لم يفعل شي يستحق هذا العقاب أو بالأحرى هذا الأجرام ..
وضعت رأسـها على مخدتــه وحظنتها وأنطلقت بالبكاء
البكاء العاجز عن فعل أي شيء يعيد لها ماتريد إعادته ..
الساعة الــ 9 صباحــــــــــــاً
ونوف بين النوم واليقظـة .. على مخدة طلال
هاتفها المحمول يرن ..
بفزع .. تمد يدها للهاتف لتنظر إلى الرقم الظاهر على شاشة الهاتف
وإذا به رقم محلي غريب ..
- آلوو
- ألوو السلام عليكم
- أهلا ً وعليكم السلام ورحمة الله
- الأخت نوف زوجـة السيد طلال .؟
- نوف زوجة السيد طلال معك ..
- أختي نوف .. معك مستشفى الأمراض السارية
- مستحيييل ..
- أختي نوف .. أنتي مطلوبة بمستشفى الأمراض السارية بأسرع وقت ممكن
نوف بحالة هستيريـــة
أغلقت الخط وهي تبكي وتردد قتلته بغيرتي ..
بغيرتي قلت طلال ..
بهلع وذعر وإنفعال وبكاء شديد .. تغير ملابسها
وتذهب للمستشفى .. ..
ودخلت المستشفى من البوابـة الرئيسيـة بجنون وبسرعـــة وهي تسأل
أين طلال ..؟ أين طلال ؟ ..
أستقبلها طاقم من الممرضات والمسؤولين .. وأدخلوها
إلى غرفــــة الجهات المختصـــة بأمرهــــــا ..
وأعطوها جرعـــة مهدئ وكأس ماء .. وبدأت تهدأ نوعا ما وتبـيـن أنها قادرة
على الكلام والأخذ والعطــــاء بالحديث مع الدكتور ..
- أختي نوف ..
- نعم يادكتور
- ممكن تسمحين للمرضـة أن تسحب منك عينة بسيطة من الدم .؟
بصمت تمد ذراعهـــــا للمـمـرضـة ..ويأسرهـا التمني
أن تكون هي أيضا حاملة لفايروس نقص المناعة
سحبت الممرضـة كمية الدم المطلوبـة
وبقيت نوف بالغرفـة مع دكتورين و ممرضــــة ..
- أختي نوف أستهدي بالله .. فأنتي إنسانة مؤمنـة بقضاء الله وقدره
- دكتور أرجوك .. أنا أعلم نهايـة قولك هذا فلا تطيل
زوجي مصاب بداء نقص المناعة وربما أنـــــا معه ..
سكت الدكتور إلا أنه نطق الدكتور الثاني
- ولكن زوجك الآن بخير وبصحـة جيدة وهو معنا ويطلب رؤويتك ..
فما رأيك أن تأتي معي لتجلسي وقتا بسيطا مع زوجك
وتتحدثي معه ..؟
- لا أستطع يادكتور .. أرجوك أجل مسألة رؤيـة زوجي إلى وقت آخر ..
- لابأس ولكن السيد طلال طلب بإلحـاح أن يراك .. فهو قلق وخائف عليك
فهو مايفكر بنفسه كثر تفكيره بك ..ويدعي الله أن لا تكوني مصابة بالمرض
- أرجوووووووك يادكتور.. أعفني من ذلك فأنا لا أستطيع رؤيته ..
- حسنا ً .. لك ذلك .
جحيم .. تعيش به نوف .. وحالة صعبة تمر بهــــا ..
وكأنها بكابوس مزعج وتتمنى أن تستيقظ على صوت واقع جميل ..
نوف محتجزة بمستشفى الأمراض الساريـة
حتى ظهور النتيجـــــة ..
وبعد مرور ساعات على تواجدها معها ..
ويدخل عليهــــآ دكتور وممرضــــة ..
ليخبرونها أن نتجيـــة تحليل الدم كانت
إيجابية .. وهي سليمـة وتستطيع مغادرة المستشفى الآن
تجدد الحزن فيها.. لأنها أقتربت من نهايـة الحب الذي عاشته من أيام الطفولة
وكيف لها أن تذهب لبيتها وتمارس حياتها وطلال ليس معها .؟!
وكم تمنت أن تكون هي أيضا مصابة بالمرض
على الأقل تكون جنت على نفسها مع زوجها
ولكن الأحساس بالندم وتأنيب الضمير أعظم جناية على النفس ..
مر على حالها أكثر من شهرين
وتتواصل مع طلال بالمكالمات الهاتفيـة فقط ..
فهي غير قادرة على رؤيته وزيارته ..
وفي يوم من الأيام .. الساعـة الـ 3عصرا
كانت بغرفـة الجلوس مع والدتها ..
رن هاتفهـا المحمول .. وإذا برقم المستشفى ظاهرا على الشاشـة
- آلـــو
- الأخت نوف .؟
- نعم معك نوف
- لو سمحتي أختي نوف ممكن اليوم تأتي للمستشفى
فزوجك طلال يطلب رؤيتك ضروري .. ولاتتأخري
- لماذا ..ماذا يريد طلال ..؟
- حقيقة لا أعلم أختي ولكن أرجو منك زيارته ..
أغلقت خط المكالمـة وذهبت تستعد لزيارتـه ..
أقل من ساعــــة .. ونوف بالمستشفـــى
وهذه هي المرة الأولى التي تقوم بزيارته
وتدخل أقسام غرف المـرضــــى والمحتجزين بمستشفى الأمراض السارية
كانت الأقســــام موحشـــة بشكل لايوصف .. والخوف يسري بجسد نوف وهي تسير برفقة الممرضـة .. بعدما لبست لثاما ً على فمها وأنفهـــــا .. ودقات قلبها تتسارع وتتخبط في بعضها
وعند دخولها إلى غرفـة طلال .. وجدوه منقولا ً إلى قسم العناية المركزة
بدأت تنفعل بالبكـــــاء ولاتعرف كيف ستتصرف مع نفسهـــــا حين تلقاه ..
ها هي بوابـة قسم العنايـة المركزة تُشرع لهـــــا
وتدخل مع الممرضـــــة .. وتفتح الممرضـــة باب الغرفـــة
وهي تمسكها وتحذرها من الأقتراب منـه ..
طلال ملقـى على الفراش الأبيض ..
مستحيل هذا هو طلال .. تغيرت ملامحــــه ولون بشرته و جسمه نحيل جدا ً
تتقدم نحوه وتتعثر بخطوات الخوف والإرتباك والرهبـة والندم والحـب والألم
تتقدم نحوه والممرضـــة تمسك بهــــا بشدة وتحذرهــــا من الأقتراب أكثر ومن الأمساك بـه
لأن أطرافه تفرز إفرازات بها شيء من الدم .. ومن المؤكد أن تلك الأفرازات معديـة
كان طلال مغمض العينين .. ولكنـه سمع صوتها مع الممرضـة وفتح عيونه
توقفت نوف عند الحد المسموح لهــــا بالوقوف فيـه .. رغم رغبتها
بالإقتراب من طلال أكثر .. ولكن من المستحيل أن تسمح لها الممرضـة بذلك
مما زاد من عذاب نوف وطلال ..
أنفاس طلال جدا متضاربـــة .. ونبضاته بطيئة فهي بين الأستمرار والوقوف ..
وبعد صمت طويل .. وبصوت باكي قالت له
- لابأس ..طهور و معافا بإذن الله
-وبصوت مودع قال لها .. عافاك ربي يانوف
- نوف .. أنــــا مودع وأرجـــوك أن تسامحيني على كل شيء فات
فأنتي حبيبـة قلبي وزوجتي التي ما أحببت غيرهـا من النسـاء ..
- طلال أنا من قلبي مسامحة ..فأنت لم تفعل شي يستدعي منك أن تطلب مني السماح عليه
ولكن .. أنـــــا التي أريد منك السماح ..
طلال ينظر إليــــهـــــا بذبــول وإحتضــار ..ولايستطع أن يرد عليها
- طلال أرجوك لاتعذبني بسكوتك هذا .. رد علي بالغفران والسمـاح
طلال بأنفاسـه الآخيرة ولايستطيع الرد ولكنها تقرأ بعيونه إنتـظـــار لتكملـة حديثها
وكـــأنـــه يقول ويسألهـــــا ( أسامحـك على مــــاذا .؟)
- طلال ..مرض نقص المناعة الذي أقتحم جسدك أنــــا السبب فيه
من صباح الفتاة التي تعرفت عليها عندما كنا مسافرين هي مصابة بالمرض
وأتفقت معها أن تنقله لك ..
أحببت الأنتقام منك لأنني أحبك بجنون .. وبحجم حبي لك أغار عليك
وما استطعت أن أنسى حديثك لي عندما تحديتني بالأستمرار بطريق الخيانة
وأنني غير قادرة على فعل شيء يرد لي اعتباري ..
طلال أرجوك سامحني .. فأنا ندمت على مافعلت وأريد منك السمــاح ..
طلال سمع حديثها هذا وهو ينظر إليهـــــا .. وما أن أنتهت من الحديث
إلا ويغمض عيونــــه .. دون أي رد ولاتعليق ..
طلال .. قل لي أنك مسامح وغافر لي غلطتي
أرجوك لاترحل وأنــــا معلقـة بين الرضا والسخط
طـــــــــــــــلال ....؟؟؟
جهاز القلب .. أطلق صافرة التوقف وطلال لم ينطق بأي كلمـة ولم يعطي أي إشارة
توحي لها بأنه غاضبا عليها أو راضيا ً عنها ..
رحل طلال وترك نوف تصارع جاثوم الندم ولوم النفس وتأنيب الضمير
ياترى .. هل رحل وهو مسامحا وراضي عنها .. أم .....................؟؟
/
\
تمت ..