قبل الشروع في الكلام أسوق إليكم هذا القصة ..
يحكى أنه كان :
هناك امرأة تصنع الخبز لأسرتها وكانت يوميا تصنع رغيف خبز اضافي
لأي "عابر سبيل" جائع وكانت دائما تضع الرغيف الأضافي على
شرفة النافذة لأي مار ليأخذه.
في كل يوم كان يمر رجل فقير أحدب ويأخذ الرغيف وبدلا من اظهار امتنانه
لأهل البيت كان يتمتم بالكلمات التالية :
(( الشر الذي تقدمه يبقى معك والخير الذي تقدمه يعود اليك ))
بدأت المرأة تشعر بالضيق لعدم اظهار الرجل للعرفان الذي تصنعه
فقالت محدثة نفسها ذات يوم :
(( كل يوم يمر هذا الأحدب ويأخذ الرغيف ويردد جملته وينصرف ترى ماذا يقصد ؟؟ ))
وفي أحد الأيام أضمرت في نفسها أمرا وقالت : (( سوف أتخلص من هذا الأحدب )) ..
فأضافت بعض السم الى رغيف الخبز الذي صنعته له وكانت على
وشك وضعه على النافذة حينما بدأت يداها في الأرتجاف ..
فقالت لنفسها فورا وهي تلقي بالرغيف ليحترق في النار (( ما هذا الذي أفعله ؟؟ ))
ثم قامت بصنع رغيف خبز أخر ووضعته على النافذة.
وكما هي العادة جاء الأحدب وأخذ الرغيف وهو يتمتم ..
(( الشر الذي تقدمه يبقى معك، والخير الذي تقدمه يعود اليك ))
وانصرف الى سبيله وهو غير مدرك للصراع المستعر في عقل المرأة.
كل يوم كانت المرأة تصنع فيه الخبز كانت تقوم بالدعاء لولدها الذي
غاب عنها طويلا و لم تصلها أية أنباء عنه .
في ذات اليوم الذي تخلصت فيه من رغيف الخبز المسموم
دُق باب بيتها مساء وحينما فتحته وجدت – لدهشتها – ابنها واقفا بالباب.
كان شاحبا متعبا وملابسه شبه ممزقة، وكان جائعا ومرهقا وبمجرد رؤينه لأمه قال :
” إنها لمعجزة وجودي هنا، على مسافة أميال من هنا كنت مجهدا ومتعبا
وأشعربالأعياء لدرجة الأنهيار في الطريق وكدت أن أموت لولا مرور رجل
أحدب بي رجوته أن يعطيني أي طعام معه وكان الرجل طيبا بالقدر الذي
أعطاني فيه رغيف خبز كامل لأكله.
بمجرد أن سمعت الأم هذا الكلام شحبت وظهر الرعب على وجهها
وارتكنت علىالباب وتذكرت الرغيف المسموم الذي صنعته اليوم صباحا.
ولو لم تقم بالتخلص منه في النار لكان ولدها هو الذي أكله ولكان قد
فقد حياته ولحظتها ادركت معنى كلام الأحدب ..
(( الشر الذي تقدمه يبقى معك، والخير الذي تقدمه يعود اليك ))
خلاصة الكلام :
افعل الخير ولا تتوقف عن فعله حتى ولو لم يتم تقديره من قِبل الآخرين ..
أفعل الخير ولا تنتظر ردة فعل ايجابية أو شكر أو تحفيز مادي أو معنوي
من مرؤوسك في العمل أو من جهة العمل التي تنتمي إليها ..
أفعل الخير ولا تندم على فعله وإن غررك الشيطان فأستعذ من الوسواس الخناس ..
أفعل الخير ولا تجعله مقرونا بالثناء فالبعض هداهم الله ( خاصة في بئيات العمل )
إن لم تأته ترقية أو لم يكافىء ماديا بدأ الإحباط يتسلل إليه شئيا فشئيا حتى بدا
الشيطان يوسوس له بالتكاسل والتراخي في العمل ويدخل عليه من أبواب كثيرة :
لا أتعب عمرك - محد يستاهل - الناس ما يبين في أعينهم الخير ..
شو فائدة أنت تتعب وغيرك تأتي له الترقيات دون أن يحرك ساكن .. وهلم جرا ..
وتذكر يرعاك الله :
(( أن ما عند الله خير وأبقى )) و (( أن الحسنة بعشر أمثالها ))
وتذكر أن :
(( صنائع المعروف تقيك مصارع السوء ))
أخيرا ..
بردا وسلاما على كل عين تمر من هنا
منى
[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]