رسالة لطفي السيد إلى مي زيادة
فى يوليو ١٩١٣ سافر لطفى السيد إلى الإسكندرية وكان قبل سفره يحرص على زيارة مى زيادة كل أسبوع، وما كاد يمضى أسبوع واحد على فراقه لها فى القاهرة حتى اشتاق إلى رؤيتها فبعث إليها بهذه الرسالة فى ١٥ يوليو يقول فيها:
سيدتى..
مضى أسبوع كامل من يوم كنت عندكم أستأذن فى السفر إلى الإسكندرية وما كان من عادتى أن أغيب عنك أكثر من أسبوع. إذا مضى كان يدفعنى الشوق إلى حديثك الحلو وأفكارك المتينة الممتعة، إلى زيارتك. فلا غرو أن أستعيض عن الزيارة غير المستطاعة بهذه الرسالة السهلة الكلفة..
كتابى يلقى إليك فى صحة وسلامة وصبر على هذا الحر الذى ربما شبهه بعض أصحابنا الشعراء بشوق المحبين، يقص عليك أننى أذكرك دائماً كلما هبت نسمات البحر، وقابلت بينها وبين لوافح القاهرة، وكلما تجلى علينا البدر يضىء البر والبحر على السواء، ويملأ العيون قرة، والقلوب رضا، وكلما جلست على شط البحر أتعشى وسط أصحابى كما كانت حالى وقت أن رأيتك لأول مرة، وسمعنا حديثك وأعجبت بك.
أذكرك كلما خطر ببالى النظر فى حال المرأة الشرقية ومستقبلها وعلى من نستطيع أن نعتمد فى المساعدة على انتقالها إلى الأفق الذى نرجوه. وكلما قرأت من الشعر ومن النثر أفكاراً تتناسب مع أفكارك أو تختلف عنها.
أذكرك فى كل وقت ولا أجرؤ أن أكتب إليك إلا فى ميعاد الزيارة. لكيلا أضطرك مكرهة بتقاليد الأدب أن تردى علىّ بالكتابة كلما كتبت إليك.
على أنى أعرف كثيراً غيرى لهم تراسل قد يضيق وقتك عن العطف عليهم إذا طلبت أنا أكثر مما يخص كل فرد غيرى. أستغفرك إن شذ قلمى عن حد ما يرضيك، فإنه يسترسل فى الكتابة إليك على ما يوحيه ميلى، لا على ما يحدوه عقلى.