[frame="3 10"]الخيـط
القشة في البحر يحركها التيار
والغصن على الشجرة تحركه الريح
والإنسان وحده .. هو الذي تحركه إرادته
أجمل ما في الدنيا أنها واضحة تغمرها الشمس
كل شيء فيها يمكنك أن تراه و تسمعه و تزنه
وتقيسه و تتذوقه و تحلله و تستنتجه..
كل ما يحدث فيها له سبب .. و إذا عرفت سببه استطعت إحداثه
كل شيء يجري بنظام محكم من الأسباب و النتائج
وإذا كان لديك ورقة و قلم فإنك تستطيع أن تحسب بالضبط
متى تشرق الشمس
و متى تغرب.. لأنها تتحرك حسب قانون..
و كل شيء في الدنيا يتحرك حسب قانون..
إلا الإنسان ..فإنه يشعر أنه يمشي على كيفه
الإنسان وحده هو الحر المتمرد الثائر على طبيعته
وظروفه ولهذا يصطدم بالعالم ويصارعه
ويستحيل في أية لحظة أن تتنبأ بمصيره..
ولكن هذه الحرية البكر الطليقة في الداخل ما تلبث أن تصطدم بالعالم
حينما تحتك به لأول مرة في لحظة الفعل.
إن رغبتنا تظل حرة طالما هي في الضمير و النية
نستطيع أن نرغب أي رغبة ونحلم أي حلم ونتمنى أي أمنية
ولكن المأساة تبدأ في لحظة التنفيذ
حينما تحاول رغباتنا أن تحقق نفسها في الواقع
فتصطدم بالقيود وأول قيد نصطدم به هو الجسد
جسدنا نفسه الذي يحيط بنا مثل الجاكتة الجبس
ويحاصرنا بالضرورات والحاجات ويطالبنا
بالطعام والشراب ليعيش و يستمر و لا نجد مهرباً من تلبية هذه المطالب
فنجري خلف اللقمة ونلهث خلف الوظيفة
ونضيع في صراع التكسب ونفقد بعض حريتنا
وليس أمامنا وليس أمامنا حلٌّ غير هذا
فرغباتنا لا تستطيع أن تعلن عن نفسها بدون جسد
وجسدنا هو أداة حريتنا ..إن كان يقيد هذه الحرية في نفس الوقت..
[/frame]