عرض مشاركة واحدة
قديم 25-02-15, 11:02 AM   المشاركة رقم: 50
المعلومات
الكاتب:
 نسيان  
اللقب:
كاتب متألق
الرتبة:
الصورة الرمزية
الصورة الرمزية نسيان

بيانات العضو
التسجيل: 18-05-10
العضوية: 138
المواضيع: 194
المشاركات: 2031
المجموع: 2,225
بمعدل : 0.43 يوميا
آخر زيارة : 24-03-20
الجنس :  انثى
الدولة : بين الورق و الخبر
نقاط التقييم: 16953
قوة التقييم: نسيان has a reputation beyond reputeنسيان has a reputation beyond reputeنسيان has a reputation beyond reputeنسيان has a reputation beyond reputeنسيان has a reputation beyond reputeنسيان has a reputation beyond reputeنسيان has a reputation beyond reputeنسيان has a reputation beyond reputeنسيان has a reputation beyond reputeنسيان has a reputation beyond reputeنسيان has a reputation beyond repute


---وسام التميز الثاني--- ---وسام التميز الأول--- 

الإعـــــجـــــــاب
عدد الإعجابات التي قدمتها: 1,782
وحصلتُ على 1,080 إعجاب في 778 مشاركة

الحــائــط الإجتمــاعــي

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
نسيان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:
كاتب الموضوع : نسيان المنتدى : القسم الـعـام للمواضيع التي لاتنحصر تحت صنف معين
افتراضي

من جريدة البحرينية


مصارحات

هويّات صُغرى أم أعواد ثقاب؟!

إبراهيم الشيخ

من الطبيعي جدا أن تلتهم الهويات الكبرى المتمثلة بالدين والوطن، ما يتفرع منها من هويات صغرى، مثل المذاهب والأحزاب والقبائل والأعراق.
لكن من يتأمل فيما نعيشه من واقع يسير بالاتجاه المعاكس، يدرك بل يرى ويتابع، أن الهويات الصغرى في عالمنا العربي والإسلامي باتت متوحشة، جُلها إن لم تكن كلها، التَهَمَت الهويات الكبرى التهاما.
كان التاريخ يحدثنا عن تفكيك قوة العالم الإسلامي بدويلات متعطشة للمال والجاه والكرسي، أما تاريخنا الذي يُكتب هذه الأيام، فهو مليء بدويلات تتحكم فيها الهويات الصغرى، وفي سبيل الكرسي والجاه والمال، مستعدة لأن تدمر كل شيء.
كنت من بين الحضور في محاضرة الدكتور زياد الدريس حول «حروب الهويات الصغرى»، في مركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث الأسبوع الماضي.
هي في حقيقتها لم تكن محاضرة فقط، ولكنها كانت أشبه ببركة ماء، تُقذف فيها الحجارة من كل مكان، من المحاضر والمداخلين، لتثير في العقول عشرات الأسئلة، بعضها تجد نفسك عاجزا عن الإجابة عنها، بينما بعضها الآخر يدفعك الى مراجعة المواقف، لماذا؟ وكيف؟ وكان يفترض؟!
من بين ركام تلك الأفكار والتساؤلات وجدت نفسي أغصّ بسؤال لا يفارقني.
دوّنته بقربي، لكنه أبى إلا أن يكون حاضرا يذهب ويعود.
ما الذي حدث لكي تنقلب الآية في دولنا العربية والإسلامية، حتى باتت الهويات الصغرى هي التي تتحكم ليس في الهويات الكبرى فقط، وإنما في مصيرنا بأكمله!
لقد التَهَم المذهب الدين، كما التهمت القبيلة (العائلة) الوطن، ولو استبدلت التهمت بِسرقت؛ لما أخطأ المعنى!
البروفيسور مسفر القحطاني من السعودية الشقيقة ألقى مداخلة ثرية، أكثر ما كان لافتا فيها، هو حديثه عن خطورة الهالة التقديسية، التي بات البعض يُسبغها على هوياته الصغيرة المتناثرة.
ابحثوا هنا وهناك، ستجدون هويات صغيرة باتت هي الأصل، فالمذهب -وهو أقرب مثال - بات مقدسا، ورجاله خطوط حُمر، ومبادئه هي الحق وما دون ذلك باطل.
ذلك التقديس فرّخ عقليات الاستئصال والغلو والتطرف، عبر مشنقة التصنيف ورفض الآخر.
أبدا لا تظنوا أن الحديث مرتبط بالجماعات ذات الفكر أو التوجه الديني سنة وشيعة فقط، رغم أنها أكثر وضوحا في العقيدة الشيعية، ولكن بتنا نجد ذلك النَفس حتى لدى من يجنحون الى الهوية التغريبية في مجتمعاتنا.
الكثيرون من أصحاب الأجندات التغريبية الرافضة لهويتنا الإسلامية والعربية، موغلون في الصد عن هويتنا الأصلية، بل ورفض ثقافتنا وازدرائها، وصلت بالبعض إلى حد التبرؤ منها.
ليس ذلك فحسب، فقد نشأت لدينا فرقة تسمّى «الليبروجامية»، بارعة في الدمج بين «طاعة ولي الأمر» والتحرر من الدين، وشيطنة كل مخالف لذلك النهج، في تأصيل لمذهب «دينوسياسي» جديد، لم يدُر بخلد الطبري ولا ابن خلدون.
وهذا نتاج من نتاجات الهويات الصغرى المشوشة، التي ضلّت طريق التعايش والاندماج والتسامح وقبول الآخر.
منطقتنا العربية والخليجية على وجه الخصوص، بيئة خصبة لهويات صغرى تغلي، ومستعدة لأن تنفجر في حروب البقاء.
الأمازيغ والبربر والمسلمون والمسيحيون (الأقباط)، العرب والأكراد والسنة والشيعة، مع هويات أخرى أصغر متفرعة من الهويات الصغرى الرئيسية، كلها نار خامدة تحت الرماد، مستعدة لأن تُشعل أو تشتعل في أي لحظة.
لدينا نماذج بائسة لدول رضخت ورُكّعت لهويات صغرى، تُمسك اليوم برقبتها في لبنان والعراق، ويبدو أن هناك من ينتظر تفويجه إلى الحظيرة.
خليجنا العربي يعاني من هويات مذهبية صغرى متناثرة، باتت أكبر من أن نسميها بالطابور الخامس، تعيش في البحرين والكويت والسعودية، تحنّ لمشروع الولي الفقيه المقدّس.
لقدر زرع الغرب «داعش» لتُستَنهض كل الهويات الصغرى المذهبية والعرقية في المنطقة.
طفا الأكراد انتقاما كما طفا الشيعة حقدا، وهاهم الأقباط يُستنهضون أيضا.
كم كان ذكيا من صنع تلك الفرقة الضالة، لتقسيم دولنا ولإشعال حروب كُبرى تأكل الأخضر واليابس، بحروب هوية صغرى متناثرة.
لقد نجحت حروب الهوية الصغرى في فصل جنوب السودان، وها هي تبحث لها عن موطئ قدم في مصر وليبيا والخليج، وكل ذلك (ببركة) من صنع «داعش» وأحكم القبضة على دولنا بمحاربة (إرهاب) صنعه هو بين ظهرانينا، لنحاربه نحن بأموالنا.
يأتي هو دائما في نهاية المشهد، يلعب دور البطولة ليقطف ثمار سذاجتنا، يُمسك بزمام الحكم، ينهب النفط والثروات، ويوقّع معنا اتفاقيات الشراكة السياسية والاقتصادية كدولة (صديقة).
نحن نعيش في مرحلة «التعويم التاريخي للمجتمع» كما أسماها المفكر العربي برهان غليون، حيث كما يقول: «تنهار الأعمدة الثقافية والاقتصادية والاجتماعية العميقة التى يرتفع عليها سقف الانتماء الوطني وتستند إليها التوازنات الاجتماعية والسياسية، ويصبح المجتمع نفسه مكشوفاً لأنواع شتى من الاختراقات والتأثير الخارجي بما في ذلك التأثير في وحدته الوطنية وإذكاء الحروب الأهلية والفتن الطائفية».
على أنظمتنا العربية والإسلامية أن تستعيد وعيها للتاريخ قبل أن تُطرد منه شرّ طِردة.
لا بد من التخلص من براثن هويات صغيرة مدمرة، باتت توظّف من الداخل والخارج لإثارة واستحضار حروب الاستئصال والتطهير والإقصاء.
لا بد من مشاريع حقيقية تنهض بها الدول والشعوب لاستعادة هوياتها الكبرى، ولطرد خَبَث حروب بغيضة، تلتهمنا باحتلال ناعم، مازال ينتظرنا منها الأسوأ إن لم نتدارك الأمر.












عرض البوم صور نسيان   رد مع اقتباس