لوحة جـامـع الكُـتُـب
للفنّان الإيطالي جوزيـبي أرشيمبـولــدو
كان ارشيمبولدو أحد أكثر رسّامي عصر النهضة أصالة وابتكارا. بل يقال انه أوّل من ابتدع الرسم التكعيبي. حدث هذا قبل أكثر من ثلاثة قرون من ظهور بيكاسو والحركة التكعيبية.
و أشهر لوحاته وأكثرها شعبية هو هذا البورتريه الذي رسمه لمؤرّخ وطبيب نمساوي اسمه وولفغانغ لاتزيوس.
كان لاتزيوس عالما مشهورا ويقال انه بلغ من حبّ هذا الرجل للكتب انه كان يستطيع الحصول على أيّ كتاب أو وثيقة أو مخطوط يريده بأيّ ثمن وبأيّ طريقة.
والبورتريه عبارة عن كومة من الكتب رُتّبت بطريقة معيّنة بحيث تؤلّف في النهاية شكل وملامح إنسان. فالقبّعة مرسومة على شكل كتاب مفتوح، والرأس عبارة عن مجموعة من الكتب الموضوعة فوق بعضها أفقيا. والأنف هو الآخر يأخذ هيئة كتاب واللحية رُسمت على شكل مكنسة الريش التي تُستخدم عادة في نفض الغبار عن الكتب. والذراع تحوّل إلى كتاب كبير ابيض والأصابع إلى علامات للكتاب.
وقد أعجب الإمبراطور كثيرا بهذه الصورة وعلّقها في قصره. ثم استعارها منه ابنه رودولف الذي قام بعرضها، مع غيرها من أعمال الرسّام، في قصرهم في براغ. وفي ما بعد انتقلت اللوحة إلى ملكية أبنائهم وأحفادهم.
وهناك من ينظر إلى اللوحة باعتبارها رسما كاريكاتيريا يسخر من المثقفين وجامعي الكتب الذين يسرفون في شراء واقتناء الكتب، ليس لقراءتها، وإنما من اجل المباهاة والتفاخر.
لكن ربّما كان الرسّام يلمّح من خلال الصورة إلى الازدهار الكبير الذي شهده عصر النهضة في مجال تأليف ونشر الكتب.
في ذلك الوقت أصبح أمناء المكتبات هم التجسيد الحقيقي للحكمة والمعرفة الإنسانية بعد أن كان القدّيسون ورجال الدين يختصّون أنفسهم بصفة العالم المثالي.
في العام 1648 تعرّضت الكثير من لوحات ارشيمبولدو للدمار إثر غزو الجيش السويدي لـ براغ. لكن هذه اللوحة نجت من التلف عندما استولى عليها السويديون كغنيمة حرب.
وما تزال موجودة إلى اليوم في المتحف الوطني بـ استوكهولم