وقلوبا اتسعت بالحب وضاقت عليها السماء بما رحبت بعد بضع دقائق هتك ستر الصمت صوت نجمة باكيا مذهول: أي سفرٍ تقصد ؟
دار تيم بعينيه يبحثُ عن والده : حقاً هي لا تعلم ؟!
ربت فادي على كتفيه مجدداً فعاد لها بالصمت ذاته على أنها صرخت مستفهمه
سألتك أي سفرٍ تقصد ومنذ متى عزمت على ذلك ؟
اقتربت والدتها تربت على كف يدها بحنان والدموع تقارع صبرها الطويل :
آن الأوان يا نجمة كي تستمعِ تيم يريدُ العودة إلى بلاده لينتسب للجيش ويشارك في معارك التحرير كما أنه سيبحث عن عائلته أنت فقط من يستطيع منعه وأنا كأم لست راغبة بفقد ابن هذا القلب دعك من المجتمع السخيف وإنسي رغبة والدك تجاهلي كل شيء وفكري هل أنت قادرة على خسارته أرجوك يا نجمة .
نظرت له بانكسار :كم تبقى من الوقت يا تيم ؟
نظر في ساعته بقي القليل يا نجمتي ساعة ونصف فقط لا غير .
استدارت تقصد حجرتها باكية :دعني أفكر .
مرت اللحظات على قلبه كنصل سيف حاد يقطع منه جزءً كلما تقدم الوقت لم يكرر السؤال حين دقت ساعة الوداع سلم على الجميع سلام راحل لا دروب تُعيده إليهم وقد تعلقت عيناه على باب حجرتها بضع دقائق لكنها لم تخرج إليه وهذا يعني أن رفضها كان حقيقياً.
غادر البوابة الرئيسية يودع من حضروا بلا رغبة في ذلك فكلٌمنهم قد قتل منه جزء خذلته كثيرا هذه الأرض هي ليست أرضه ولا جذور له بها حتى تحنو عليه .
كان مضر يراقب فرحاً والحماس يشتعل في عينيه فقد زالت العقبة التي تحول بينه وبين نجمة أما فادي فقد تمسك به باكياً كطفلٍ صغير :أخبرتك سابقاً لن أستمر في غيابك طويلاً تذكر ذلك ولا تقول لمن يلقي اللوم عليك بانكساري وضياعي أنه لا ذنب لك .
ربما كان فادي وحده من أحب تيم بل و انتمى إليه على أن البقاء وجه آخر للموت كان والده يقف بين الناس كلوحٍ جليدي على أن قلبه يحترق فهو على وشك فقد ابنه وسنده الذي طالما اتكئ عليه لينهض من عثراته وقد تساءل لبرهة هل يستحق تعب سنين العمر أن يضحي بربيب قلبه وهل هذا المجتمع المليء بالمستنقعات الراكدة منصف بنظرته الخرقاء تجاه ارتباط تيم بنجمة إن حدث؟ استيقظ من جحيم افكاره على صوت بوق السيارة التي تستعجل تيم لتمضي بطريقها فتحول لإعصارٍ جامح ولكم مقدمة السيارة بكلتا يديه صارخا :لم العجلة لم ؟ ألا تدرك أنك على وشك أن تستل الروح من جسدي؟