[ايوب صابر]

نموذج من سيرة احد الأيتام من بين قائمة الخالدون المائة، والذي ينتمي إلى الفئة العمرية الثالثة عشرة وهي اليتم خلال السنة الثانية عشرة:

عمر بن الخطاب

مولده ووفاته: ولد في 584م- وتوفي في 3 من نوفمبر 644م.

مكان الولادة: مكة المكرمة.

يتمه: مجهول الطفولة، ولا يعرف إن كان قد تيتم صغيرا ومتى، ولكن يعرف على أنه عاش طفولة صعبة.

مجاله: قائد عظيم- وهو ثاني الخلفاء الراشدين ومن أصحاب الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، الملقب بـ "الفاروق"، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن علماءالصحابة وزهّادهم، ويعد أوّل من عمل بالتقويم الهجري.

هو عمر بن الخطاب، وهو ابن عمّ زيد بن عمرو بن نفيل الموحد على دين إبراهيم. وأمه حنتمة بنت هشام بن المغيرة. لقبه "الفاروق" وكنيته "أبو حفص"، ويرجع سبب إطلاق المسلمينالسنة لقب "الفاروق" على عمر بن الخطاب، لأنه حسب الروايات أظهر الإسلام في مكة المكرمة، وكان الناس يخافونه، فيعتبرون أن فرق الله به بين الكفر والإيمان. كان عمر من أشراف قريش، وإليه كانت السفارة، فهو سفير قريش، فإن وقعت حرب بين قريش وغيرهم بعثوه سفيرًا.

ولد عمر بن الخطاب بعد عام الفيل، وبعد مولد الرسول بثلاث عشرة سنة. ونشأ في قريش وامتاز عن معظمهم بتعلم القراءة. وعمل راعيًا للإبل وهو صغير، وكان والده غليظًا في معاملته. وقد كان يرعى لوالده ولخالات له من بني مخزوم. وتعلم المصارعة وركوب الخيل والفروسية، والشعر. وكان يحضر أسواقالعربوسوق عكاظ ومجنة وذي المجاز، فتعلم بها التجارة، وأصبح يشتغل بالتجارة، فربح منها، وأصبح من أغنياء مكة، ورحل صيفًا إلى بلاد الشام، وإلى اليمن في الشتاء، واشتهر بالعدل.

من صفاته أنه كان طويلاً جسيمًا تصل قدماه إلى الأرض إذا ركب الفرس يظهر كأنه واقف، وكان أعسرَ سريع المشي. كما كان قويًا شجاعًا ذا هيبة. وقد تزوج وطلق ما مجموعه سبع نساء في الجاهلية والإسلام، وله ثلاثة عشر ولدًا. أسلم عمر بن الخطاب في ذي الحجة من السنة الخامسة من البعثة، وقد كان عمره يوم بعث النبي محمد بن عبد الله ثلاثين سنة، أو بضعًا وعشرين سنة، على اختلاف الروايات. وقد سبقه إلى الإسلام تسعة وثلاثون صحابيًا فكان هو متممًا للأربعين. ولم يهاجر أحد من المسلمين إلى المدينة المنورة علانية إلا عمر بن الخطاب، حيث لبس سيفه، ووضع قوسه على كتفه، وحمل أسهمًا، وعصاه القوية، وذهب إلى الكعبة حيث طاف سبع مرات، ثم توجه إلى مقام إبراهيم فصلى، ثم قال لحلقات المشركين المجتمعة: "شاهت الوجوه، لا يُرغم الله إلا هذه المعاطس، من أراد أن تثكله أمه، ويؤتم ولده، أو يرمل زوجه، فليلقني وراء هذا الوادي". فلم يتبعه أحد منهم إلا قوم مستضعفون أرشدهم وعلمهم ومضى. ووصل عمر المدينة المنورة ومعه ما يقارب العشرين شخصاً من أهله وقومه. وقد شهد عمر جميع المواقع والغزوات التي شهدها النبي محمد. تولى الخلافة بعد أبي بكر الصديق. وهو أول من سمي بـ "أمير المؤمنين. وقد اتسم عهد الفاروق "عمر" بكثير من الإنجازات الإدارية والحضارية، لعل من أهمها أنه أول من اتخذ الهجرة مبدأ للتاريخ. كما أنه أول من دون الدواوين، وهو أول من اتخذ بيت المال، وأول من اهتم بإنشاء المدن الجديدة، وهو ما كان يطلق عليه "تمصير الأمصار"، وكانت أول توسعة لمسجد الرسول في عهده، فأدخل فيه دار "العباس بن عبد المطلب"، وفرشه بالحجارة الصغيرة، كما أنه أول من قنن الجزية على أهل الذمة، فأعفى منها الشيوخ والنساء والأطفال، وجعلها ثمانية وأربعين درهمًا على الأغنياء، وأربعة وعشرين على متوسطي الحال، واثني عشر درهمًا على الفقراء. وفتحت في عهده بلاد الشام والعراق وفارس ومصر وبرقة وطرابلس الغرب وأذربيجان ونهاوند وجرجان. وبنيت في عهده البصرة والكوفة وقد سمى الكوفة بجمجمة العرب ورأس الإسلام، ويقول حسن العلوي إن عمر هو مؤسس حضارة رافدية مثله مثل سرجون الأكدي وحمورابي ونبوخذ نصر. وهو أول من عسعس في الليل بنفسه، ولم يفعلها حاكم قبل عمر، ولا تَعلم أحدًا عملها بانتظام بعد عمر. وهو أول من عقد مؤتمرات سنوية للقادة والولاة ومحاسبتهم وذلك في موسم الحج حتى يكونوا في أعلى حالتهم الإيمانية فيطمئن على عباداتهم وأخبارهم. وهو أول من مهد الطرق. استمرت خلافته عشر سنين وستة أشهر، وقبل أن يموت اختار ستة من الصحابة؛ ليكون أحدهم خليفة على أن لا يمر ثلاثة أيام إلا وقد اختاروا من بينهم خليفة للمسلمين. وتوفي يوم الأربعاء 26 ذي الحجة سنة 23 هـ حيث طُعن على يد غلام مجوسي اسمه فيروز، وهو عبد للمغيرة بن شعبة، ويكنى أبا لؤلؤة. في عهده فتحت بقية العراق، ومصر، وليبيا، والشام، وفلسطين، وفارس، وخراسان، وشرق الأناضول، وجنوب أرمينيا، وأفغانستان، وصارت القدس تحت ظل الدولة الإسلاميةوالمسجد الأقصى ثالث الحرمين الشريفين تحت حكم المسلمين لأول مرة. وفي عهده قضى على إحدى أكبر قوتين في زمانه وهي الدولة الساسانية، وأنهى الوجود البيزنطي في مصر والشام.