-- تابع --
ما ان اقتربت السيارة اكثر فاكثر حتى اندفع الناس نحوها، وعلت الصيحات والاهازيج والاغاني الشعبية، وارتفع صوت الطبل الذي هز المكان بانغامه الجميلة السحرية، وحرك المشاعر، وأحدث جلبة وتسارعا في نبضات القلوب والدماء التي اندفعت في العروق، فتحركت الايادي تلقائيا تصفق بانفعال شديد وارتجفت الشفاه وهي تغني بحرارة بالغة، وفرح جامح في استقبال العروسان، حتى بدى ان بعض ما كان يجري في المكان هستيريا مبالغا فيه، وكأن قوة خفية او امرا غير معروف هو الذي يحرك الايادي، والحناجر ويتسبب في كل هذا الهرج والمرج والجلبة منقطعة النظير في مثل هكذا اعراس، وليس فقط الرغبة في الاحتفاء بالعريس، او عذوبة صوت نغمات الطبل التي تعالت فأتحفت الحشد وجعلته يرقص طربا ومسرة...
" النغم هونوع من الاصوات اوهو الصوت ذاته والايقاع هو توزيع الصوت ومداه بمقتضى حركات معينة " (النغم والايقاع ، بقلم فالح الحجية الكيلاني )
حسب هذا التعريف يكون للطبل إيقاعات أو إيقاع وليس نغم هذا كما ذكرنا سابقاً لأننا نفترض أن القاريء شخص على قدر من الوعي الثقافي بالفنون والأدب والعلوم والحضارات .
امتداد النص بالطريقة الأفقية جميل في حدود الاحتياج لخدمة النص ولكن لا يكون مبالغ فيه لتكثيف الجماليات وإهمال سير أحداث القصة التسلسلية .
وما ان وصل موكب العرس وتوقف محرك سيارة العريسان امام قاعة الافراح، حتى اندفع والد العروس وأخيها الاكبر وامسكوا بيديها واحد من جهة اليمين، والأخر من جهة اليسار، والتف حولهم، عددا من الأقارب الاقربين رجالا ونساء واطفالا، وساروا جميعا الهوينا تجاه الكوشة، وسار خلف العروس طفلة صغيرة تلبس رداء برتقاليا، وكانت مهمتها رفع ما طال من فستان العروس عن الأرض...
وسارت العروس جهة القاعة وهي تتبختر بفستانها الأبيض الجميل بدلع ظاهر وسعادة، وتستند في مشيتها على والدها الذي ظهر عليه الانفعال والارتباك...وانطلقت الحناجر وارتفع صوت زغاريد النساء، ورنة صفق الاكف والاصابع...كل ذلك على الرغم من مسحة الحزن الجلية التي ظهرت على وجوه الحضور دون معرفة سبب واضح وجلي لذلك الحزن الذي ابى الا ان يرتسم على الوجوه في ليلة فرح اريد لها ان تكون استثنائية...
وفقت هنا بالوصف دون إمتداد وتكثيف غير أن ارتباك والد العروس غير مبرر إلا إن كنت ترمي لعادة قديمة أو تقليد معين لدى العرب .