عرض مشاركة واحدة
قديم 13-04-10, 07:47 AM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
ماجدة الصاوي
اللقب:
زائر

بيانات العضو
العضوية:
المواضيع: 24
المشاركات: -24
المجموع: n/a
بمعدل : 0 يوميا
آخر زيارة : 01-01-70

الإعـــــجـــــــاب

الحــائــط الإجتمــاعــي

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
كاتب الموضوع : ماجدة الصاوي المنتدى : قـطرات من شعراء وأدبـــاء العالم العربي والأسلامي والأدب المترجم
افتراضي


نكبات مي



ما بين عام 1929 وعام 1932، تراكمــت النكبات على مي زيادة، بموت والدهــا الياس زيادة عام 1929، بعد موت إسماعــيل صبري 1923، وولي الديـن يكن 1921، ثم جبـران عام 1931 ووالدتها عام 1932، وهـذا، فجّر لديها بركان الخوف والقلق، وزاد من إضطرابها النفسي، خاصة بعــد أن أفاقت من خدر آلامها، فداهمها الواقع الضاري بكل ما انطوى عليه من أسى منغّص ويأس ناهش، فوجدت نفسها مستوحدة، لا حنان يهدهد أعماقها الصارخة، ولا عزاء يضمّد الكبد العليلة، ولا شيء يعيد إليها سحر الشباب ونضارته وإشراقته، وقد وصف الدكتور حالتها بقوله: «أخذ ميلها الى العزلة يظهر بعد أن فقدت والديها، وبعد أن غمر الحزن قلبها ونفسها ولكنها لم تقطع صلتها بالناس فجأة، وإنما قلّلت لقاءهم.
بعد عام 1932 أترعت كأس الألم، وأخذت تفتش عن الأحياء فلا تجد حولها إلا ظلاماً يتراءى خلاله شبح تنعق فوقه الغربان، حسب رأي الدكتور جميل جبر، وما زاد من هواجسها وتشاؤمها استغلال أقاربها لوحدتها، ليظهروا أطماعهم بثروتها وممتلكاتها وأخذوا يتحينون الفرص للانقضاض عليها.
رحلاتها الى أوروبـا، لم تخفف من مشكـلتها، بل تفاقــم شعـور الإضطهاد لديها، حتى أخذت تهلوس وتصـرخ: «لا.. لن تأخذ مالي»، وهي في تلك الحالة بعثت رسالة الى قريبها يوسف زيادة، تشرح له فيها حالتها وآلامها. ذهب الدكتور زيـادة الى مصر، وعاد برفقتها، وإذ رأى أن أعصابها لم تهدأ نقـلها الى العصفورية (مركز للمجانين)، وتم الحجر عليها وعلى أملاكها بحجة أنها مجنونة، الأمر الذي حدا بالصحافة للإحتجاج على هذه الفعلة السيئة تجاه ريحانة الشرق. وإثر الضغوط الرافضة لهذا العمل تم نقلها الى مستشفى ربيز، حيث زارها المفكر أمين الريحاني، فأضربت عن الطعام استنكاراً لسوء معاملتها.
بعد خروجها من المستشفى سكنت قرب الجامعة الأميركية، ودُعيت في عام 1938 الى إلقاء محاضرة حول «رسالة الأديب الى الحياة العربية» في الجامعة الأميركية، فسمع الحضور أعذب صوت وشاهدوا أجمل وجه، واتزانها العقلي دحض كل المزاعم المغرضة عن جنونها. وبعد ذلك انتقلت مع الريحاني الى الفريكة، ومنها عادت الى مصر، بعد أن فُك الحجر على ممتلكاتها، وقد قالت: «الحرية الشخصية هي التي هاجمني فيها جرّدني منها أولئك الأقارب الذين رموني بالجنون، ونشروا عني الإشاعات المتنوعة في الشرق والغرب طمعاً بالمال وفي المتاع الفاني».
في الثامن عشر من تشرين الأول العام 1941 ماتت ريحانة الشرق مي زيادة قهراً ويأساً. وعندما أسلمت الروح لم تجد حولها لا صديقاً ولا نسيباً ولا رفيقاً، بل رأت سقفاً مظلماً تدلت منه خيوط العنكبوت، وكانت جنازتها مثالاً في البساطة، «نعش قاتم سار وراءه لطفي السيد، انطوان الجميل، خليل مطران، إيمي خير نفر
قليل من الأصدقاء».
وكان القبـر الذي وارى جسدها يتحدث بلسانها: «هذا قبر فتاة لم ير الناس منها غير اللطف والبسمات، وفي لبها الآلام والغصّات... قد عاشت وأحبت وتعذبت وجاهدت ثم قضت».
كانت مي زيادة الأديبة والناقدة والشاعرة شاهدة عصرها، وعكست أمانيه، في صفحات إن أعوزها أحياناً ول النفس، ورصف البناء، فلم يعوزها لا الشعور العميق، ولا حرارة التعبير ولا صدق التجربة. والشعب الذي ضحّت من أجله الكثير لم ينصفها لا في حياتها ولا في مماتها...













عرض البوم صور ماجدة الصاوي   رد مع اقتباس