الموضوع: آآآه ياولدي
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-03-10, 10:11 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
 عبدالله الكثيري  
اللقب:
:: قلم جديد ::
الرتبة:
الصورة الرمزية
الصورة الرمزية عبدالله الكثيري

بيانات العضو
التسجيل: 01-03-10
العضوية: 91
المواضيع: 29
المشاركات: 67
المجموع: 96
بمعدل : 0.02 يوميا
آخر زيارة : 03-01-12
الجنس :  ذكر
الدولة : الإمارات - أبوظبي
نقاط التقييم: 90
قوة التقييم: عبدالله الكثيري will become famous soon enough

الإعـــــجـــــــاب
عدد الإعجابات التي قدمتها: 0
وحصلتُ على 8 إعجاب في 8 مشاركة

الحــائــط الإجتمــاعــي

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
عبدالله الكثيري غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:
المنتدى : قــطــرات الـقـصـة والروايــة
افتراضي آآآه ياولدي



يقف القلم أحياناً مما أرى وأسمع ...، تنسكب العبرات دون حاجزٍ فتجري في أودية الأسى والحزن الذي شاب من كثرة الآهات الجريحة..، آلامٌ وأوجاع .. نظراتٌ وزفرات ...، آمالٌ تحطمت على صخور العصيان ، أحلامٌ نترقبها فأصبحت كالسراب ، شموعٌ نضيئها بأيدينا فينطفئ ضياؤها من غير سابقِ إنذار .
هذه أحلامهم ..، هذه نظراتهم ..، هذه عبراتهم كالحلم العاجز .. كالأماني البيضاء الشائبة في بوح قلوبهـم الحارقة .. فتكاد أذناي تحترقان .. فيصل لهيبها إلى قلبي المليء بالحب والحنان لهم .
إخواني ....
أسطر لكم قليلاً من عبراتهم .. قطرةً من أناتهـم التي نحن في أمسّ الحاجة إليها لتحيي في قلوبا معنى الرحمة .. معنى العطف والحنان من رؤوسٍ ملؤها البياض .. من أجفانٍ أنهكتها مرارةُ الأحزان .
زيارة قمتُ بها لدار المسنين والعجزة سبقتها خطوات وتتبعها أخريات لتوقظ قلبي عند غفوته وغفلته ..،
آآه ثم آآه ... كم هي لحظات جميلة ولمسات حانية يغمرها وابلٌ من الدمع الحارق على ما أسمع وأرى .
العـم ( خليفه ) : بلغ من العمر عتياً تجاوز الثانية والسبعين من عمره الذي أمضاه في مكابدة الحياة بشتى ظروف أمواجها العاتية ، عيناه ملؤها السؤال تلوَ السؤال ، دمعٌ لا ينقطع وألـمٌ غائرٌ اتخذ من فؤاده مستقراً ومسكناً ، لـه أربعة أولاد وثلاث بنات ، بالأمس ليله كنهاره عيناه لا تعرفان النوم إلا قليلا .. جعل من راحته غطاءاً وفراشاً لأبنائه ، عجزه عن المعرفة بالقراءة والكتابة لم يثنيه عن كسر قيود المستحيل لأجل أبنائه الذي طالما جرت دموعه على رؤوسهم وهم نائمون وازداد دمعه بعد فراق أمهم من الدنيا الفانية، ومع ذلك حرم نفسه من ملذات الحياة لأجلهـم ( آآه ... آآه لا أدري ما صنعت لهم ؟؟!! لـم كل هذا ؟!! كنت ... وكنت ... ) هذه بعض عبراته الحزينه الممزوجة بالدموع الحارقة .
أمضى العم ( خليفه ) في تربية أبنائه الصغار دون راحة أو ملل ، يرى أمانيه في وجوههم ..، طيفُ أحلامه عند ضحكاتهم ، وتمضي الأيام تلوَ الشهـور على ظهور الأعوام ، وهو صابرٌ في البناء والتشييد الذي يسعى في الحياة لأجله .

فهـد هو أكبر أبنائه قد أصبح طبيباً ، وسيف مهندساً معمارياً ، وخولة مهندسة كيمياء ، أما راشد فقد مارس لعبة الأموال وأصبح تاجراً ، ومريم باحثـةٌ إقتصادية في وظيفة مرموقة ، أما عادل فهو في السنة الرابعة من دراسته خارج الدولة ولا ننسى مهـا فلم تعمل بعد تخرجها وآثرت الزواج لتحظى بطفلين بعد زواجها بأربعة أعوام ..، هكذا أصبح الصغار فقد كانوا بالأمس تحت الغطاء ليقيهم برد الحياة بدفئ والدهم واليوم قد أزاحوا الغطاء إلى غير رجعة ... ما إن اشتد العود وقوي حتى أصبح يكشّر عن أنيابه بعد أن كان ذلك الحمل وديعا ً بالأمس ( هذه أحوال أبنائه ) .. بعبارات ونظرات بعيدة عن نسمات العطف والرحمة ... لأجل السمعة والمستوى الإجتماعي بين الأصدقاء والإشارة لهم بالبنان أصبح الحل الوحيد ( في نظرتهم القاصرة وعقولهم الخاوية من الرحمة ) أن يضعوا والدهم في دار من دور المسنين والعجزة ليرتاح هو ( كما يزعمون ) ناسين بل متناسين الأيام والسنين التي خضّبت بدموع الرحمة والخوف عليهم .
فهد وخولة وراشد : ياوالدنا نود منك الذهاب معنا إلى مكان نظيف وآمن لكي تستريح فيه ، ونعدك بالزيارة كل يوم . ( مؤمنين أن وجود والدهم بينهم في المنزل إنما هو قطعة أثاث قديم يشوه المنظر العام لإرتباطاتهم الإجتماعية المرموقة ) .
فقد كان الطلب كالصاعقة بل الصاعقة برمتها على عقل وفؤاد والدهم .
الأب : لـم يا أبنائي .. ، هل رأيتم مني ما يسوؤكم ؟! ألم أقـم بما أردتم مني فعله من تقديم وخدمة ضيوفكم !! من غير تضجر وتأفف .. كل هذا لأجلكم !! مع سماعي مايسوؤني من ضيوفكم الكرام من غير حراك منكم !! لم ؟؟ لم ؟؟ .
الأبناء : لا يهم .. فنحن نريدك أن تسمع وتطيع فيما قلناه لك وذلك لمصلحتك .
الأب : حسبي الله ونعم الوكيل ... ( وتنهمر دموعه وكأنه هو الإبن وليس الأب ) ، أطلب منكم يا أبنائي أن أرحل وأسكن عند إبنتي ( مهـا ) .
الأبناء : لك ذلك .
وتنطوي صفحات الزمن أمام ناظريه وكأنه بالأمس القريب .. دموع وأحزان .. آلام وجراح .. آآهات مكلومه وزفرات حارقه ..، يا للأسى والأماني الضائعة ... آآآه حلمٌ أصبح كالسراب بل بدد السراب الأمل في تحقيقه ... ولكن ( إليك ربي أشكوا ضعف حيلتي .. فإليك الملجأ والمهربُ ) .
في الخامسة والنصف عصراً تتوقف سيارة الأجرة أمام منزل مها ..، لا يعرف ما يقول لها .. صدمة وأيّ صدمة !! ولكن هي بعد الله من يرقُ قلبها له .. لا يهم .. هي قلبه النابض الذي بقي من أبنائه ( كان هذا بعض حديثه الجريح بين أضلعه ) .
وبعد دق الجرس وفتح الباب .. ينهمر السيل الجارف من دموع العم ( خليفه ) عند رؤيته لإبنته مها ، وتنفرط أعصابه بعد دموعه .
الأب : أرأيت يا مها ما فعل بي أخوتك .. وبعد هذا العمر ؟؟!! .. لم يرحموا أباك .. نسوا كل شئ !! آلامي وجراحي .. دموعي وآهاتي لأجلكم جميعاً .. أرأيت .. أرأيت !!! .
مهـا : أعرف كل هذا يا والدي ولكن .. لكن ( وبوجه عبوس يخلوا من ملامح التأثر والعطف لما حصل لوالدها ) .. أنا وضعي المنزلي ......! وزوجي اللاهي بين سهراته الليلية .. لا أدري ما أقول لك يا والدي !!.
الأب : أعرف .. أعرف ( وبرباط جأش ونار داخلية توقد من جديد ) لا عليك فسوف أرحل عنكم لكي يستريح الجميع مني .
مهـا : لا يا والدي .. الموضوع ليس كما تتصور ... الموضوع ......
الأب : لا عليك يا عزيزتي ( مقاطعاً كلام مهـا ) الموضوع قد فهمته وإن لم افهمه اليوم فغداً .. ، ولكن أطلب منك ومن جميع أخوتك ... لا .. لا .. لا أريد شيئاً .. لا أريد شيئاً .
دموع لا تنقطع .. ونبضات قلبٍ تتسارع من شدة بكاء الشيخ الكبير .. أنوار الطرق الجانبية تتسارع بتسارع السرعة الزائدة من سائق سيارة الأجرة ... ( إلى أين أنت ذاهب أيها الوالد ؟ ) سؤال يطرحه سائق الأجرة على العم ( خليفة ) .
العم ( خليفه ) : إلى دار المسنين والعجزة ياولدي .. لزيارة شخص عزيز على نفسي .
السائق : سمعاً وطاعة يا والدنا .
العم ( خليفه ) : آآآه كم هي جميلة هذه العبارة .. لطالما حلمت بسماعها .





*************************


سيف ومريم وعادل لم يكن حنانهم وعطفهم أبلغ من إخوتهم .. فالأمر عندهم كالماء البارد والجليد الذي سرعان ما يذوب بين الصخور .
أحبتي : هذا ما سمعته أذناي ورأته عيني من دموع العم ( خليفه ) دموع ممزوجة بدم الأسى والحزن الذي لا شاطئ له ..، ولكن ذكريات زوجته الغالية التي توفاها الله هي سلوته وبلسم آلامه وأحزانه بين أمواج الأحزان العاتية .


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ

دمتم بــ 1000 خيــر

 

لا يسمح بنشر هذا الموضوع إلى المواقع الأخرى الا بذكر اسم صاحب الموضوع ومصدره الأصلي ../ الـموضـوع ://: : آآآه ياولدي     -||-     المصدر : قطرات أدبية     -||-     الكاتب : عبدالله الكثيري














توقيع : عبدالله الكثيري

عرض البوم صور عبدالله الكثيري   رد مع اقتباس