عرض مشاركة واحدة
قديم 29-03-16, 09:23 AM   المشاركة رقم: 72
المعلومات
الكاتب:
 نسيان  
اللقب:
كاتب متألق
الرتبة:
الصورة الرمزية
الصورة الرمزية نسيان

بيانات العضو
التسجيل: 18-05-10
العضوية: 138
المواضيع: 194
المشاركات: 2031
المجموع: 2,225
بمعدل : 0.44 يوميا
آخر زيارة : 24-03-20
الجنس :  انثى
الدولة : بين الورق و الخبر
نقاط التقييم: 16953
قوة التقييم: نسيان has a reputation beyond reputeنسيان has a reputation beyond reputeنسيان has a reputation beyond reputeنسيان has a reputation beyond reputeنسيان has a reputation beyond reputeنسيان has a reputation beyond reputeنسيان has a reputation beyond reputeنسيان has a reputation beyond reputeنسيان has a reputation beyond reputeنسيان has a reputation beyond reputeنسيان has a reputation beyond repute


---وسام التميز الثاني--- ---وسام التميز الأول--- 

الإعـــــجـــــــاب
عدد الإعجابات التي قدمتها: 1,782
وحصلتُ على 1,080 إعجاب في 778 مشاركة

الحــائــط الإجتمــاعــي

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
نسيان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:
كاتب الموضوع : نسيان المنتدى : القسم الـعـام للمواضيع التي لاتنحصر تحت صنف معين
افتراضي المغلف الاصفر /دامل الطعيمي

المغلف الأصفر


د. أمل الطعيمي

كنت أعيد ترتيب الأوراق في مكتبي المنزلي؛ لأتخلص من كل ورقة لا أحتاجها، وأبقي على بعض منها للضرورة أو للذكرى، فبعض الأوراق ذكرتني بأحداث جميلة في مسيرتي العلمية والعملية وبأشخاص عبرت بصحبتهم سنوات من الزمالة أثمرت خيراً كثيرا. برز من بين الأوراق مغلف من السفارة الأمريكية وقبل أن أخرج منه الأوراق تذكرت تلك الدعوة وما دار بسببها في نفسي وما تبعها من أحداث، فاسترجعت مشاعري حينذاك وربطتها بما حدث ويحدث لبعض نسائنا، فقلت في نفسي: الحمد لله، وإليكم الأحداث:
زارتني الملحق الثقافي الأمريكي في مكتبي بمبنى دار اليوم حين كنت أعمل كمديرة للتحرير بالقسم النسائي، بدت بسيطة تحاول إظهار شيء من الود في التعامل ولكني لسبب ما لم أفهمه في ذلك الوقت لم أشعر بالارتياح لها فهي تشبه إحدى معلماتي في المرحلة الابتدائية كنت أخافها دونما سبب مفهوم. لم تضيع السيدة الأمريكية وقتها وعرضت علي مباشرة عرضاً مغرياً للسفر إلى بلادها كمنحة منهم للمشاركة بالدورة الاطلاعية التدريبية حول (دور المرأة في الشؤون الاجتماعية والسياسية) وهي دورة تقام ضمن برنامج (الزائر الدولي) يا للعجب! ما هذا الكرم الأمريكي؟ منحة وزائر دولي! ودقة في تحديد المبالغ التي كانت ستصرف من أجلي حتى مصروف الجيب لم ينسوه فهو محدد لكل يوم وهذا بخلاف مصاريف الاقامة والمعيشة التي بلغت ٣٨٤٠ دولارا! ومسميات مغرية (منحة) وكان من الممكن أن تتحول بسهولة لو أني ذهبت إلى محنة و(زائر دولي) التي ستتحول ربما إلى خائن دولي، ولكني بفضل من الله لم أذهب رغم أن العرض أبهرني وأسعدني وبدا لي كفرصة يجب علي اغتنامها، وبدأت أستعد للسفر وفي داخلي شيء من عدم الارتياح الذي لم أعرف له سببا.
في ذلك الوقت نصحتني صديقتي بأن أخاطب رئيستي في العمل لطلب الموافقة فقد كنت حينها مكلفة بعمادة الكلية، ففعلت، وجاء ردها محيراً فخطابها يقول ما معناه: اذهبي أو لا تذهبي القرار لك! فزادني ذلك حيرة ولكني تابعت استعدادي للسفر بمرافقة انقباض في قلبي فسرته في ذلك الوقت بأنها المرة الأولى التي سأبتعد فيها عن أطفالي، ولكني بالأمس فقط عندما وجدت المغلف الأصفر وتذكرت التفاصيل فهمت.
جاء يوم السفر وموعد الطائرة يقترب ولكني لم أعُد حقيبتي فقلت: ما زال الوقت مبكراً سأذهب لعملي وأجهز حقيبتي فيما بعد. خرجت للعمل وتوقفت بي السيارة أمام بوابة الكلية في الوقت الذي جاءني اتصال من سكرتير السفارة ليؤكد لي موعد الحضور في المطار وبدون أي مقدمات اعتذرت وقلت بجزم: لن أسافر، شعرت بأثر الصدمة والغضب يظهران في صوته وهو يسألني لماذا؟ وكيف؟ وماذا عن الاستعدادات والحجوزات شعرت بالحرج، فاعتذرت بأني لم أحصل على إجازة من عملي. أغلقت الخط وشعرت بارتياح كبير، وانتهى الأمر ونسيته تماماً حتى يوم أمس عندما عدت لقراءة الدعوة وأنا أتخيل نفسي أعود من هناك وقد زرعوا في عقلي بأني سأكون في الواجهة لأكون المنقذة للمرأة في بلادي من الظلم الذي يقع عليها!! وتخيلت أني أطلب مفاتيح السيارة من السائق وأخرج للتجول بالسيارة وأنا أقول: هل من مبارز؟ وأدندن:
أنا شجيع السيما
أبو شنب بريما
أنا المرأة الحديدية، وأنا المرأة الثائرة التي تتحدى كل نظام رسمي وعرفي اجتماعي!! ولكن أي شجاعة وأي حديد يطرقه الحلم الأمريكي ويشكله كيفما أراد!! ثم تخيلت أني أتخلى عن أولادي وأهلي وأتنقل من بلد لآخر أطالب بالثورة وقيادة السيارة وأبكي على هذا الحق المسلوب وأسمي نفسي ناشطة حقوقية مع أني لا أعرف من الحقوق سوى السيارة!! وأطعن وطني وأهلي وتاريخي وثقافتي بكل ما فيها من حسنات ومساوئ ثم أتنكر لكل شيء وكأني لا أنتمي لكل أولئك؛ لأن هناك من استغل ضعفي وهشاشتي وسلاطة لساني لصالحه في الوقت الذي يوهمني فيه أن هذا لصالحي وأني شجاعة وقوية، فأضع عقلي بين أيديهم وأسير على السيناريو الذي وضعوه لي وأوهموني بأني أنا من أعده فهناك أقدم محاضرات ضد وطني، وأفلاما ضد وطني، وافتعل مواقف التحدي الغبية لأبرز شيئاً ما ضد وطني!!
أنقذتني خيرة الله لي من أمر بدا لي ميزة أحظى بها فالحمد لله.
وبعد هذا الموقف بعامين تقريباً اتصلت بي سفارة دولة غربية ولكن هذه المرة كان من أجل الآنسة القنصل المهتمة بالشؤون الاجتماعية تطلب لقائي، والتقينا في أحد مطاعم فندق ما في الخبر وكانت كل الأسئلة والحوار عن المرأة وأحوالها! ولما بدت غير مرتاحة لإجاباتي أو تعليقات صديقتي التي تولت الترجمة الدقيقة بيننا فاقترحت عليها أن تزورني في منزلي بعد أن أرتب للقاء أجمع لها فيه مجموعة من النساء من مختلف القطاعات لترى وتسمع أكثر من رأي. وهذا ما حدث وأذكر أنها سمعت ما لم ترغب بسماعه ولهذا كان وجهها يتقلب فتارة يجتمع كل دمها فيه وأخرى تعلوه صفرة الموت فقد سمعت حباً وولاء للوطن وفهمت أن اختلافنا أو رفضنا لبعض الأعراف والتقاليد لا تعد مبرراً لأن نتعارك مع وطننا، فكثير من الأمور تأتي متدرجة وفي الوقت المناسب سيحدث التوافق بين القانون والرفض أو الموافقة المجتمعية. خرجت من منزلي و(قفاها يقمر عيش) فقد صدمت بآراء مجموعة من السيدات والآنسات المتعلمات والمثقفات اللاتي يتصفن بالرزانة والعقلانية ويقيمن جداً عطاء بلادهن ويعملن من أجله ومن أجل أهله وكل من يقيم عليه ولكن بحب وبعقل، فهن يعرفن نقاط الضعف ويعملن على تغييرها خطوة خطوة ولن تغريهن دولة غربية أو غيرها لخيانة الوطن تحت شعارات الحرية التي زرعوها في عقول بعضهن فانسقن خلفهم لأسباب تخصهن وحدهن فإحداهن عاشت في بيئة متشددة وفجأة أفاقت فصارت تعاني صدمة ثقافية داخل بيتها ووطنها وظنت أن الجميع مثلها فساقها حالها للاستلام لهم. وأخرى متبجحة أرادت أن تجعل من نفسها بطلة على حساب وطنها فاصطنعت موقفاً سخيفاً حين وقفت على الحدود بسيارتها في تحد سافر للنظام مع أنها تدرك أن ما كتبناه في الصحف وقلناه في ملتقيات كثيرة أهم بكثير من تصرفها الأحمق ولكنها تقصدته لشيء رتب لها.
حمدت الله كثيراً أنه هداني لرفض تلك الدعوة التي لم أفهمها في وقتها ولكنها اليوم واضحة جداً بعد أن لقيت استجابة عند مجموعة من المرتبكات داخلياً.












عرض البوم صور نسيان   رد مع اقتباس