Mar 31, 2016Jalila Alsayed rated it it was amazing
موتٌ صغير لمحمد حسن علوان.
مع بداية شهر آذار/مارس 2016، وبالتحديد يوم افتتاح معرض الرياض الدولي للكتاب فاجأنا الروائي الجميل محمد حسن علوان بالإعلان عن توفر روايته الجديدة "موتٌ صغير" في المعرض. دون سابق "بروموشن" على صفحاته الرسمية، ليست الدهشة هنا فقط، وإنما الدهشة تكمن في الإنتاج نفسه، رواية بعيدة كل البعد عمّا تعودناه مسبقًا في روايات علوان، العاشق المخذول وهذيانه المحموم، مدينة الرياض التي تتلبسه دائمًا، التوغل في العلاقات غير الشرعية بجرأة، الرومانسية المجنونة، السرد الأدبي الطويل، التركيبات والتشبيهات البلاغية المميزة، التفاصيل الكثيرة والتي تدور على لا شيء، وغيرها من أساليب علوان المنفردة به.
جاءت "موت صغير" بحجمها الكبير وعدد صفحاتها التي قاربت الستمائة صفحة، بإبداع مختلف ولغة سردية تجعل من هذا العمل مخلدًا في ذاكرة المجد ولا ريب،
ورغم أنّ قراءة الكتب التاريخية لا تستهويني البتّة، لكنّي هنا لم أكن أقرأ كتابًا بقدر ما كنتُ أشاهد مسلسلًا تاريخيًا للمتصوف الأندلسي محي الدين ابن العربي على غرار مسلسل "ربيع قرطبة" الذي أعشق، لذلك فأنا أراهن أنّ هذه الرواية ستتحول إلى دراما أندلسية تضيء بها الشاشات عمّا قريب.
وجدتني أسافر معه في كلّ البقاع، من مرسيّة لاشبيلية، قرطبة، فاس، وهران، ألمرية، جزائر بن مزعنة، بجاية، مراكش، الأسكندرية، دمنهور، زرت الحسين ع، استمعت معه وأصحابه في أزقة القاهرة، شعاب مكة وعشقت نظام ابنة زاهر الاصفهاني مريده الأنثوي الجميل، تجولت في حارات حلب، أحياء بغداد، وحواري دمشق، وملطية والأناضول وغيرها من المدن التي كلما ذكرها علوان في موضع ولم أكن على دراية بموقعها فتحت خارطة جهازي ليرتسم الموقع في مخيلتي، وجدتني مندهشة كثيرًا من أسماء أصناف الأكل التي ذكرها، تسميات الملابس والأثاث حتى المواصلات وكنت أضحك وأنا أردد "تختروان.. تختروان"، كل تلك المصطلحات احتاجت جهدا من الكاتب وسندا كبيرا وقواميس كثيرة لكي توثق بالشكل الصحيح.
عشتُ طيلة أربعة أيام بين وعورة الطرق وتضاريس الأودية، تسلقت الجبل مع ابن عربي وسودكين، شممت رائحة الوديان والغابات، اندمجت بغرائب طباع البشر والشعوب، والمماليك، من الموحدون والمولدون والصقالبة، السلاجقة، القشتالية وصنهاجة وغيرها، عرفت الفروق النفسية بين الفقهاء والفلاسفة والمتصوفون.. تنقلت بين فصولها المائة وعبرت المخطوطات وتنفستُ الأسفار بدهشة، كنتُ أفرح لأمله وأحزن لحيرته، أوجعتني قصة بدر، وقتلني حواره مع ابن العربي قبل ترحيله لحارة الجذامى. وهناك الكثير مما احتفظت به لنفسي.
محمد حسن علوان... شكرًا لخيالك وروعتك ولكلّ شئ.
#موت_صغير
#علوان (less)
flag53 likes*·*Like *·*see review