-- تابع --
ولم يطل انتظاره حتى جاءه من يبلغه بأنه مطلوب لينضم لعروسه على الكوشة...نهض من مكانه، وجال ببصره في المكان وكأنه يبحث عن وجه ويد والده عساه يرافقه الى الكوشة كما هي عادة الناس في مثل هذه المناسبات...ولكنه لم يجد سوى يد رجل عجوز من أبناء عمومته كان وقع عليه الاختيار للقيام بهذه المهمة كبديل عن والده المتوفي...
نهض من مكانه حبذت لو أنها كانت انتفض ، وجال بصره في المكان وليس ببصره ، وليس كأنه يبحث بل جال بصره يبحث للتأكيد على حتمية الموضوع لاستيعاب صعقة الفقد .
في هذه اللحظة زحفت على العريس مصطفى جيوش من الحزن والالم واغرقه طوفان من الشوق لوالده الميت الذي تركه وهو صغير ابن عشر سنوات فقط ...لقد طغى عليه فجأة احساس عارم بالفقد لم يشعر بمثله من قبل ابدا...
مفردتا زحفت وجيوش لم تكن تحمل جمالية تدخل القاريء في طور الحزن والألم الذي عاشه مصطفى ، فكلما تزين العمل الأدبي بالمفردات الجمالية كان أكثر عمق واستجلاب لذهن القاريء كي يعيش في شخصية البطل ويعايش واقعه في المقابل أتت عبارة طوفان الشوق جميلة جداً .
حتى في يوم تخرجه من الكلية التي حصل فيها على المرتبة الأولى، وتمنى يومها لو ان والده كان الى جواره وهو يستلم شهادة التفوق في ذلك اليوم المشهود بظروفه الاستثنائية في ظل ظروف امنية صعبة نشأت يومها إثر استشهاد تسعة من الشباب المجاهد دفعة واحدة...مما ضاعف حينها احساسه الجارف بالفقد...
أعجتني هنا هذا الاستفاضة التي سلطت الضوء على قضية مهمة جداً وتفاصيل الوصف جميلة والمشاعر حاضرة بشكل جميل ودقيق .