صافـرة القطـار أعلنت عن دُنـو وصول القطار القادم من الصعيد إلى محطة مصر
صاحبت تلك الصافرة إبتسامة موشومة بالأمل على شفاه " خلف " ، ذاك الشاب الذي تركت شمس الصعيد آثارها على بشرته من كثرة الكد و القِل
حمل حقيبته المملوءة بـ ملابسه المُعطـرة بـ أريج الفقـر ... و المُطـرزة بأمنيات إيجاد الفردوس المفقود في صخب القاهـرة
دنا من باب القطـار و هو يُبطء حركته إيماءاً بـ قرب المُحطة ... و خلف يتنفس هواء القاهرة و أصابه سُعال لأول مرة ظنه عَرض... و ما يعلم أنها بوادر الإختناق تحت سحابة دخان متمكنة من سماء القاهـرة
وقف القطـار و بينما يستعد خلف للنزول عاق طريقه شاب في مثل عمره و إلتقت عيناهما لـ ثواني معدودة ، و شتان الفـرق بين النظرتين ، إحداهما تحمل أحداقها لـون أمـل يجرجر العُمـر وراءه ، و الأخـرى تحمل لمعة رضا تحمل ما تبقى من العمر كـ زهرة برية لا تستقيم حياتها إلا في وسط أرضها، بعدها أفسح" عواد " الطريق لـ "خلف" ليمر.
صعد عواد القطـار و ألقى بجانبه حقيبته المملوءة بـ ملابسه المُعطـرة بـ أريج الحنين إلى القريـة .... و المُطـرزة بـ حسـرات التأكد أن الفرودس مفقود في القاهـرة .
سمع عواد صـافرة القطـار تعلن عن الرحيل من حيث أتى ... فأغمض عينيه و شعر بإتساع في صدره بعد أن تنفس هواء قريتـه النقي ... رغم المسافـة !
اللميــــاء !