الموضوع: أضغاث غُربة
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-06-11, 09:23 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
 اللميـــاء  
اللقب:
:: قلم ماسي ::
الرتبة:
الصورة الرمزية
الصورة الرمزية اللميـــاء

بيانات العضو
التسجيل: 29-10-09
العضوية: 3
المواضيع: 87
المشاركات: 1445
المجموع: 1,532
بمعدل : 0.29 يوميا
آخر زيارة : 21-11-13
الجنس :  مــركب ورق !
الدولة : مـــوج !
نقاط التقييم: 1502
قوة التقييم: اللميـــاء has a brilliant futureاللميـــاء has a brilliant futureاللميـــاء has a brilliant futureاللميـــاء has a brilliant futureاللميـــاء has a brilliant futureاللميـــاء has a brilliant futureاللميـــاء has a brilliant futureاللميـــاء has a brilliant futureاللميـــاء has a brilliant futureاللميـــاء has a brilliant futureاللميـــاء has a brilliant future


الوسام الأول للمشرف المميز المركز الأول في مسابقة قصص من فجر الإبداع مسابقة بداية هجمة 

الإعـــــجـــــــاب
عدد الإعجابات التي قدمتها: 23
وحصلتُ على 59 إعجاب في 37 مشاركة

الحــائــط الإجتمــاعــي

التوقيت
الإتصالات
الحالة:
اللميـــاء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:
المنتدى : قـطــرات المـقـالـة الأدبيـــة
Lightbulb أضغاث غُربة

مدخل:


هذه هي المرة الأولى التي أكتب فيها و لا أستطيع أن أُصنَف ما كتبت ‘ هل ما كتبته خاطرة تحمل ما بي و تحملني معها ، هل هي قصة أسرد فيها ما قد مر بي من حنين ، أم مقال أرتل بين سطوره أحد تلك المواقف التي لا تبرح الذاكرة المُكتظة


حقيقة لا أدري ، لكن المُهم أني كتبت.

هذه المرة الكتابة لهم ، لأنهم وطن لا يمسّني في وجودهم داخلي غربة

هذه المرة ، حين حاولت أن أكتب ، كانت الكتابة جداً شاقة على نفسي.

ربما رطوبة الرياض صهرت ما تبقى بالقلم من حبر، أو ربما أشعلت قلبي حنيناً لحضن أمي ، أو ربما هو أنا التي لم أعتد على الكتابة في بلاد غريبة ، عُذراً فالبلاد ليست بغريبة ، بل أنا التي مسّني منها غُربة . ربما آلفت الكتابة و أنا قاطنة فوق سريري البالي الذي كلما مرّ بخيالي حرف أهتز السرير من كثرة وهنه ، أعلمتم كم هو بالي سريري ؟ و رغم هذا لم يقصيني عن الإشتياق إليه الغرفة المؤثثة بأثاث فندقي التي أقيم بها و التي مساحتها ربما تعادل ربع مساحة شقتنا بمصر ،

لكن

نحن نتعلق دوماً بالأشياء الأكثر إحتواءاً لنا ، لا بالأشياء الأكثر إبهارا لأعيننا

ربما آلفت الكتابة و عيناي تناظر السقف المتهالك ، و الحصير الذي رغم قِدمه يلمع من نظافته

هذه المرة لم يكن النيل على مقربة دقائق يترنح من شبقه لإحتضانه بنت المُعِز ، و لم تكن المراكب السابحة به كـهمهمات رجل أوشك أن يقضي وطره فتزيد ثورته بصخبها المبالغ فيه ، لم يكن أهل القاهرة عابئين بالنيل و هو يستبيح أمهم دون أن يثأروا منه ، بل كانوا يستعذبون ما يفعل بها ، و بهم.

هذه المرة لم أبحث طويلاً عن قلمي البيك الذي كانت بدور دوماً ما تأخذه في خلسة مني ، بل أدراجي عامرة بما يقرب من العشرين قلم بيك أو يزيدون ، تركتهم هناك بحزمتهم ، ربما أريدهم أن يعطوني إحساس الجماعة و إحساس الترابط الذي أنفلتت آخر خيوطه مع إحتضان مشير لي بأرض مطار القاهرة.


هذه المرة كان الوقت مُمدد أمامي كأنه يحثني ألا أضيعه في شئ غير كتابتهم ، أو كتابة حنيني لهم أو لمصر

هذه المرة كل شئ حولي يغلفه سكون ، سكن المدينة هادئ لا شئ يؤرق ليله سوى أصوات المكيفات العالية التي لم أعتد عليها في القاهرة ، تلك الأصوات التي جعلتني أتسائل ، ما الذي يجعل ليل القاهرة صاخب هذا الحد ؟ ، أهي السيارات ؟ ، أهي الأشخاص ؟ ، أم أنها تلك القلوب الثائرة مثل قلبي ، و التي لا تمس في الليل لِباسا و لا تدرك للنهار معاشا.

ما الذي حدث لي حين حاولت أن أكتب هذه المرة ، أهي الغُربة تُشعل فتيل الوجد فينا ، و تجعلنا نحمل كل المتناقضات داخل قلب لا يسع من الدنيا سوى ملامحهم التي تركناها خلفنا حين رحلنا ، و توهمنا أن الزمن لن يغيرها مثلما سيغيرنا ؟ ، أهي الغُربة التي تجعلنا أكثر قدرة على الإنصهار في الآخر كي ننسى أنفسنا و ننسى أننا أغراب ؟ أهي الغُربة تلك التي تجعل كل الأشياء التي تمقتها بوطنك هي أكثر الأشياء حُباً إليك ؟

هل هي حقاً الغُربة تلك التي تصقلنا ؟ ، هل هي التي تجعلنا أكثر بياضاً ، أكثر نقاءاً ، أكثر شفافية ، و تجعلنا أيضاً أكثر صلادة ؟

لن أغفر لنفسي هذا الوهم الذي عايشته تسع و عشرون عاماً متتالية بأني أخشى النوم بغرفة مفردي، حتى إذ ما وصلت الرياض تفند هذا الوهم على عتبات منزل يلزمه عشرون فرداً كي يجعلوا به نصف ما في بيتنا بمصر من صخب ، و مضيت ليالٍ طويلة به بمفردي، و جلعتني تلك الليالي أحن لأن أبقى بمفردي بعد أن إستباحت إحدى زميلات السكن صومعة رهبنتي.

أهي الغربة تلك التي تجعلني أحن إلى أبي كثيراً رُغم أني ظننت أنه لن يصبه منه حنين ، أهي الغُربة تلك التي جعلتني أشتاق لكل شوارع القاهرة المُكتظة التي كنت أنفر منها ؟ ، اهي الغُربة تلك التي جعلتني أبتسم كلما تذكرت أحاديث أبو حبيبة رغم أن حديثه و أنا بالقاهرة كان كفيل بأن يُدخلني لنوبة قئ تستمر ساعات ؟ ، أهي الغربة تلك التي جعلتني أشتاق للطعام من يد أمي بالرغم أني غالباً ما رفضته بسبب أنه مُشبع بالدهون ؟ أهي الغربة تلك التي جعلتني أشتاق إلى سندوتش فول رغم أني لم أعتد قربه في مصر بسبب التهاب القولون المُزمن الذي أعاني منه ؟

هل هي الغربة التي جعلتني أمضي رافعةً رأسي و كأني أفتخر بأن أخبر الجميع أني مصرية رغم و أنا في مصر كنت أحياناً كثيرة ألعن اليوم الذي أصبحت فيه مصرية ؟
أهي الغربة التي علمتني كيف أدق على هواتف إخوتي و أمي بـ " مِسد كول " رغم أن طيلة ما قضيته بمصر من سنوات كنت أكره و أكره و أكره تلك العادة المقيته.


بالقطع ، هي الغربة
هي الغُربة التي تجعلني أجلس الآن و أكتب ، و ملء عمري حنين لهم
هي الغربة لا غيرها



* * * *

ملحوظة

ما كان العُنوان أبداً من بنات أفكاري

لكنه آتاني هبةٌ منه ، فشكراً بحجم ما بقلبي من ودٍ له



* * * * *





الرياض
مدينة الملك عبد العزيز الطبية

7 يونيو 2011

8,17 دقيقة مساءا

 

لا يسمح بنشر هذا الموضوع إلى المواقع الأخرى الا بذكر اسم صاحب الموضوع ومصدره الأصلي ../ الـموضـوع ://: : أضغاث غُربة     -||-     المصدر : قطرات أدبية     -||-     الكاتب : اللميـــاء














توقيع : اللميـــاء

صباحكِ سكن كل الخلايا
وسرق من محراب وحدتي كل الطقوس القديمة
وأسر قدسية الصمت .. ورهبانية الخواء ووضعها
في وسط كلمة بين قوسين من أربعة حروف
قوامها عاري تماماً الا من كلمة
( .. أ .. ح .. ب .. كِ .. )


شادي الثريا

عرض البوم صور اللميـــاء   رد مع اقتباس